للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حمزة شحاتة “ عقلية تأملية ” لا يحب الوقوف عند الأشياء والأفكار وقوفاً عابراً، وإنما يحب أن يتأمل ويركبّ ويحللّ، ويغربل الأفكار، كما يغربل الناس. اتخذ من المراجعة الدؤوبة، والفحص الدوري للآخر منهجاً في الحياة فقام بفحص ذاته وتجريدها، وقدم لنا في “ النقد الذاتي ” فكراً نيّراً يدل على عظمة المفكر، في التحليل وفي مواجهة الذات ((ذلك الحقل المملوء بالصخور والشوك والعناء والمجهول)) (١) .

الآخر خضع للفحص تحت منظار هذا المفكر الكبير، وعبّر عنه بلغة أدبية بديعة التصوير والتصوّر. والآخر عنده.

١ - الفرد:

يغلب على نظرة حمزة شحاتة للآخر الفرد التنافي والنبذ والازدراء لا لشخصه، وإنما حين يكون ميت الهمة، سيء الخلق، ضامر الوعي، ولهذا يأتي الآخر مبهماً فيكون اسماً للجنس، يضم تحته أنماطاً كثيرة مشاكلة له في الخصائص، فالنذل هو المخلص لطبيعته، العابد لغرائزه ومصالحه الخاصة ((ليس في الناس من هو أكثر إخلاصاً لطبيعته من النذل)) (٢) النذل إذن هو الأناني الذي لا تعني الحياة عنده إلا “ الحقوق ” فقط، أمّا الواجبات فلا يعترف بها، والنذل ضعيف النفس، فهو منافق يدعي الذكاء؛ لضعف نفسه، ودناءة طبعه ((ما أروع النذل عندما يلعب دور الرجل النبيل المهذب أمام ضحايا نذالته على الأخص عندما يظنّهم لا يعرفون)) (٣) .


(١) في النقد الذاتي ضرورة النقد الذاتي للحركة الإسلامية، خالص جلبي، بيروت: مؤسسة الرسالة، ط٣، ١٤٠٥ هـ / ١٩٨٥ م، ص ٣٦٥.
(٢) رفات عقل ص ٦٥.
(٣) المرجع نفسه ص ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>