٣ - التكرار فهناك قضايا ذات حضور خاص عند حمزة شحاتة، كالشعور بعدم الانتماء للمجتمع، وخيانة المرأة، وضمور الوعي الإنساني. وهذا التكرار أدى به إلى تكرار مفردات بعينها، وأساليب ذات جرس موسيقي بارز كالمطابقة، ورد العجز على الصدر، والسخرية ويتجلّى هذا في “ رفات عقل ”.
٤ - شيوع أسلوب الاستفهام في شعره ورسائله، وحكمه، ومقالاته، ولعلّ ذلك يعود إلى شكّه في كثير من المسلّمات والأعراف الاجتماعيّة، وخبرته بأحوال الناس، مما يتيح له تصورات كثيرة، ومعاني متعددة، يصبح الاستفهام معها هو الجواب الوحيد.
هكذا تجلّت “ الفلسفة الجماليّة ” عند حمزة شحاتة، فلسفة شاملة تقف على أدق خصائص الفن الجميل، وتتأسس على رؤية شاملة لقضايا الإنسان والعالم، وجوهر هذه الفلسفة الانغماس تحت قشور الأشياء والأفكار إلى الأعماق، لاستجلاء المكنون، والمضنون به على كثير من الخلق، الذين لا يجتهدون في الكشف عن غوامض المعرفة، ولا يتلذذون بالانغماس فيها، ولا يتحرقون لاستجلاء أسرارها الخبيئة.
لقد كان حمزة شحاتة، رجلاً نبيلاً، وإنساناً شريفاً، قبل أن يكون فيلسوفاً، ومبدعاً، فإنسانية الإنسان كانت المحرك الأول لنشاطه الفكري والإبداعي، وكثيراً ما نجد المثقف يتلون بحسب المواقف والغايات، يلبس في كل يوم قناعاً جديداً، لكن حمزة شحاتة ظلّ مصابراً وباحثاً عن واقع أفضل، وغد أجمل، تمتليء فيه الأرض بشراً، وتنشرح النفوس بسرور لا ينقطع. ويستعيد الإنسان جوهره المفقود، وقدّم كل ما يملك من أجل إيمانه العميق بهذا المبدأ العظيم.
رُبما يكون قد خسر أشياء كثيرة، خسر الراحة، والاستقرار الأسري، والأصدقاء غير الصادقين، ولكنه كسب الأهمّ من هذا كُلّه، كسب راحة الضمير، وأمانة الكلمة، ولحظة التاريخ، وإكبار الأجيال الجديدة التي وجدت في عطائه الشعري والفلسفي نموذجاً للمثقف الأمين على شرف الكلمة، ومباديء الإنسانية.