للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما حجية الإجماع والكلام في صحته وإثباته فمن مسائل علم الكلام، ولما كان الأمر كذلك، استطاع كثير ممن شارك في علم الكلام أو كتب فيه أن يكتب في أصول الفقه؛ لأنه الميدان الذي ظهر فيه أراء المعتزلة؛ ولأنه الفن الذي يمكن فيه تقرير مذهب أبي الحسن الأشعري أو مذهب غيره ....

ثم تتابع الأصوليون من المتكلمين أو المنتسبون إليهم كالقاضي البيضاوي وابن الحاجب والإسنوي– وفي عصر هؤلاء – وقبله بقليل ظهرت نزعة الكلام في أصول الحنفية ويتضح ذلك في كتابات شراح البزدوي والمنتخب للأخسيكثي، ناهيك عن المتأخرين منهم كالنسفي حافظ الدين وابن الهمام. وهؤلاء المتكلمون من الأصوليين منهم من كتب وألف في الأصلين، ومن له تأليف في أصول الدين وشرح لأحد كتب أصول الفقه) (١) .

ومن هذه المسائل التي حُشر بحثها في علم أصول الفقه وليست منه مقررة على خلاف الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وعمل سلف الأمة من الصحابة والتابعين والأئمة المرضيين، وعلى خلاف من ينتسب إليه مقرروها ألا وهو مذهب الإمام أبي حنيفة – رحمه الله – مسألة الانقطاع الباطن في أخبار الآحاد.

سبب اختيار الموضوع:-

لقد دفعني للكتابة في هذه المسألة غير ما سبق أمورٌ أجمل أهمها فيما يأتي:-

١-توضيح هذه المسألة وبيان تعلقها بمسائل عقدية خطيرة خالف بعض المنتسبين إلى مذاهب الأئمة الأربعة الفقهية فيها أئمتهم.

٢-توضيح رأي الأئمة الأربعة ولا سيما رأي أبي حنيفة في هذه المسألة.

٣-نصرة الحق وتنقيته مما شابه من باطل.

٤-كثرة ما ترتب على القول بها من مسائل فقهية مخالفة للأدلة الشرعية.

٥-تبرئة أعلام الحنفية من القول بها وتبيين أن قائلها الأول ليس منهم، وإن كان قد تبنى القول بها فيما بعد كثير من المنتسبين إلى أبي حنيفة.


(١) المصدر السابق (١٢-١٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>