للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاء ما يعارض الأحاديث السابقة مثل قوله عليه السلام فيما رواه الحاكم (١) عن ابن عباس قال: قال رسول الله (: (ليس عليكم في غُسْلِ ميتكم غُسْلٌ إذا غسلتموه فإن ميتكم ليس بنجس فحسبكم أن تغسلوا أيديكم)

قال الحاكم (٢) : (هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه.

وفيه رفض لحديث مختلف فيه على محمد بن عمرو بأسانيد (من غسل ميتاً فليغتسل)) .

قلت: ولهذا اختلفت طرائق العلماء في العمل بهذه الأحاديث، فبعضهم رفضها لضعفها عنده، وبعضهم قال: إن الغسل من تغسيل الميت منسوخ كما ذهب إليه أبوداود (٣) ، وأيده الحافظ ابن حجر في كتابه تلخيص الحبير (٤) محتجاً بالحديث الأخير.

وقال: وهو أحسن ما جمع به بين مختلف هذه الأحاديث والله أعلم.

وبعضهم جمع بين الأحاديث فقال: يحمل الأمر في الغسل على الندب أو المراد بالغسل غسل الأيدي كما صرح به في الحديث الأخير، يؤيده ما روي عن ابن عمر قال (٥) : كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل.

قال البيهقي (٦) : (أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد ثنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا عبد الكريم بن الهيثم ثنا أبو اليمان أخبرني شعيب بن أبي حمزة قال: وقال نافع:كنا نغسل الميت فيتوضأ بعضنا ويغتسل بعض ثم يعود فنكفنه ثم نحنطه ونصلي عليه ولا نعيد الوضوء.

وبإسناده قال: أخبرني شعيب قال: قال نافع: قد رأيت عبد الله بن عمر حنط سعيد بن زيد وحمله فيمن حمله ثم دخل المسجد فصلى ولم يتوضأ) .

قال الخطابي (٧) : (لا أعلم أحداً من الفقهاء يوجب الاغتسال على من غسل الميت ولا الوضوء من حمله، ويشبه أن يكون الأمر في ذلك على الاستحباب) .


(١) في المستدرك (١/٥٤٣) والسنن الكبرى للبيهقي (١/٣٠٦) .
(٢) في المستدرك (١/٥٤٣) .
(٣) في سننه (٣/٢٠١) .
(٤) ١/١٣٧-١٣٨) .
(٥) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (١/٣٠٦) .
(٦) في السنن الكبرى (١/٣٠٦) .
(٧) في معالم السنن (٣/٣٠٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>