لا، بل سأذكرها أنا ولا أحقرها، لأن التّهم الكواذب لا تحتقر أولا وإنّما تدحض وتنقض عروة عروة، وعلى المتهم (الصدوق!!) بعد أن يرى عروش اتهاماته (الصوادق!!) خاوية هاوية، أن يتولى احتقارها بنفسه، وإلا فمن حق المتهم البرىء المحفوظ له، أن يشنّ إغارة الاحتقار. لقد زعموا أننا في مجال المعيشة الاقتصادية الاجتماعية نتخذ من الجبال أكنانا، ومن جلود الأنعام أكسية، ليس في حجازنا قصور، ولا دور ولا حدائق ولا فنادق، وحجّتهم الداحضة، أننا نعيش بواد غير ذي زرع، عند بيت الله المحرم. وزعموا أيضا أننا - في مجال الثقافة العامة بنوعيها تعليما وأدبا - نعيش أميين جهلاء، ليس في حجازنا مدارس ولا معاهد، ولا علماء ولا أدباء، ولا آثار لهؤلاء وهؤلاء.
وزعموا ما شاء لهم الهوى أنْ يزعموا غير هذا و (أجمل!) من هذا (جمالا) يغضي القلم حياء منه فيؤثر الصمت، لأن الصمت في هذا المقام فحسب هو الذهب بعينه.
زعموا حتى دلاّهم بغرور ما زعموا، فتساءلوا - استكثارا علينا - لم نبعث الإرساليات العلمية إلى الخارج؟ ما دام الحجاز ودايا غير ذي زرع صالح، وتربة صالحة، وحق لهم أن يزعموا تلك المزاعم الجاهلة، وأن يستكثروا علينا الثقافة الاجتماعية والاقتصادية، والدينية والعلمية، والسياسية والعمرانية، فقد دلاّهم جهلهم بغرور إلى غرور.