فقلت: إن العبرة في فقه القرآن، وتطبيق أحكامه ومواعظه، بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب، كما يقول علماء الأصول، ورويت حديث عبد الله بن مسعود، الذي رواه علقمة قال:(لعن عبد الله - أى ابن مسعود - الواشمات - والمتنمّصات والمتفلّجات للحسن، المغيّرات خلق الله، فقالت أم يعقوب ما هذا؟ قال عبد الله: ما لي لا ألعن من لعن رسول الله وفي كتاب الله قالت: لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدته! قال: والله لئن قرأتيه لقد وجدتيه: (وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)
وهكذا استدل ابن مسعود بالآية على عموم حكمها، باتباع الرسول فيما ينهى وفيما أمر، وكثير من آيات القرآن على عموم حكمها، باتباع الرسول فيما ينهى وفيما يأمر، وكثير من آيات القرآن نزلت في حوادث خاصة، سحب الفقهاء حكمها على القضايا الأخرى.
ثم إن السنة النبوية - قولا وفعلا وإقراراً - مذكورة في القرآن باسم (الحكمة) في قوله تبارك وتعالى: (لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته، ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)(٦٧) وقوله عز وجل: (وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم، وكان فضل الله عليك عظيما)(٦٨) .
وقال ابن كثير:(يعني القرآن والسنة) كما قاله الحسن وقتادة ومقاتل بن حيان وأبو مالك والزمخشري في الكشاف والشافعي في (الرسالة) وابن رشد في مقدمته المدونة للإمام مالك) (٦٩) .
فهذا الدرس يشتمل على قضيتين، تتصلان بالسنة النبوية المطهرة، على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، وهما: