الخماسيّ. ويُعَدُّ ابن فارسٍ من أعظم المُنَظِّرِينَ الكوفيين للأصول، ولعل الذي دعاه إلى الأخذ بهذا المذهب هو اتجاهه الكوفي، وإخلاصه لمدرسةٍ لا تعتدّ بما زاد عن الثّلاثيّ من الأصول؛ فأراد أن يرد الرّباعيّ أو الخماسيّ إلى أصلهما؛ فخرَّج ما زاد عن الثّلاثيّ على الزيادة أو النحت، ورام أن يجعل لذلك قياساً يُتَّبع.
ووضَّح ابنُ فارسٍ مذهبه بقوله:"اعلم أن للرباعي والخماسيّ مذهباً في القياس؛ يستنبطه النظر الدقيق؛ وذلك أن أكثر ما تراه منه منحوت، ومعنى النحت أن تؤخذ كلمتان، وتُنحت منهما كلمةٌ؛ تكون آخذةً منهما جميعاً بحظ ... فعلى هذا الأصل بنينا ما ذكرناه من مقاييس الرّباعيّ"١.
وما ذكره ابن فارس من المنحوت جدير بالتأمل لكثرته؛ إذ بلغ خمس عشرة ومائة كلمةٍ منحوتةٍ من كلمتين؛ باستثناء ثماني كلمات نحتن من ثلاث كلمات.
ومن أمثلة ما نحت من كلمتين قوله: "ومن ذلك: بُحْثُر، وهو القصير المُجْتَمِعُ الخَلْقِ؛ فهذا منحوت من كلمتين من: الباء والتاء والراء؛ وهو من: بترتُه فبُتِرَ؛ كأنه حُرِمَ الطول؛ فَبُتِرَ خَلقُه. والكلمة الثانية: الحاء والتاء والراء، وهو من:حَتَرْتُ وأحْتَرْتُ؛ وذلك أن لا تفضل على أحد؛ يقال: أَحْتَرَ على نفسه وعياله؛ أي: ضيَّق عليهم؛ فقد صار هذا