للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا النَّحو يستمرُّ موضِّحاً معاني كلِّ حرف، حتَّى يأتي عليها جميعاً؛ بطريقة واضحة التَّكلُّفِ. وهو يضرب في (مِيتَافِيزِيقِيَا) ١ التَّاريخِ، وهذا المنحى يخرجه "من دائرة البحثِ العلمي المبني على الحقائق إلى دائرة الخرافة المبنيَّة على الأوهام"٢ كما يقول محمَّد الأنطاكيُّ.

ومن ثمَّ فإنَّ الكلمات عند العلايليِّ من اليسير تحليلها إلى معانيها الأوَّلية بردِّها إلى أصولها الأُحاديَّة؛ المتمثِّلة في حروفها؛ إذ هي مجتمعة في كلمة تدلُّ على مجموع معاني تلك الحروف؛ فلذلك فإنَّ (عَبَى) تُحلَّل إلى حروفها؛ فالعين تدلُّ على الحيوان الزَّئيريِّ، والباء تدلُّ على البيت "وكأنَّ المعنى الأوَّل: حيوان البيت القويِّ؛ الَّذي هو كناية عن الرَّجل، ثم اشتقَّ منه بعد أطوار من التَّرقِّي اللُّغويِّ اسمٌ لِلباس الرَّجل الخاصِّ به (العَبَايَة) ثمَّ غلب الأصل في معنى الفرع المشتقِّ، وأميت معنى الأصل بالنِّسيان، أو بعدم الاحتياج؛ حتَّى صار في معنى الفرع حقيقة وضعيَّة"٣.

وممَّا يشاكل ذلك أنَّ بعضهم يرى أنَّ الحروف تدلُّ على معانيها، مهما يكن موقعها من الثُّلاثيّ، فالغين في (غَرَفَ) تدلُّ على الغموض؛ وهي بذلك تناسب المرحلة الأولى من مراحل (الغرْفِ) وهو تغييب الغارف يده في المغروف منه. أمَّا الرَّاء فتدلُّ على الحركة؛ وهي تناسب المرحلة الثَّانية من الحدث؛ وهو تحريك الغارف مِغرفته في المغروف منه


١ يطلقون ذلك على ما وراء الطبيعة من غيبيات لا يعلمها إلا الله عز وجل.
٢ الوجيز في فقه اللُّغة٣٧٣،٣٧٤.
٣ تهذيب المقدمة اللغوية٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>