ونَخْلُصُ مما تقدَّم إلى أن الأصول من الكلام المتصرف عند القدماء لا تكون على حرف واحد، وما جاء على ذلك فمما يكون فيه حذفٌ.
ب- ما جاء على حرفين:
أقدمُ نصٍّ وَصَلْنَا إليه في تقسيم الكلم إلى أصوله؛ وفيه ذكر للثنائي؛ يعود إلى القرن الثاني، وصاحبه هو الخليل؛ إذ قال فيه:"كلام العرب مبني على أربعة أصناف؛ على الثّنائيّ، والثّلاثيّ، والرّباعيّ، والخماسيّ" ثم مثَّل للثنائي بقوله: "فالثّنائيّ على حرفين؛ نحو: قَدْ، لَمْ، هَلْ، بَلْ، ونحوه من الأدوات والزَّجْرِ"١.
ويفهم من هذا القول أن الثّنائيّ عند الخليل لا يكون أصلاً للأسماء ولا للأفعال؛ بدليل الأمثلة التي ذكرها؛ فهي من حروف المعاني التي لا تتصرف، وبدليل آخر؛ وهو قوله:"من الأدوات والزَّجرِ"وهو يعني بالزجر: أسماء الأصوات والأفعال؛ نحو: مَهْ، وصَهْ، وكَخْ، وهِسْ؛ وذلك ونحوه عند الخليل وغيره مما لا يتصرف، وإن عومل معاملة الأسماء؛ فلا بُدَّ له –حينئذٍ- من حرفٍ ثالث يبلغ به أقربَ مرتبةٍ في أصول الأسماء المتصرفة. ومن هنا قال الخليل: "فإن صَيَّرْتَ الثّنائيّ؛ مثل: قَدْ، وهَلْ، ولَوْ، اسماً أدخلتَ عليه التّشديد؛ فقلتَ: هذه لوٌّ مكتوبة، وهذه قَدٌّ حسنة الكِتْبة؛ زدتَ واواً على واو، ودلاً على دال. ثم أدغمتَ وشَدَّدت؛ فالتشديد علامة الإدغام والحرف الثالثِ؛ كقول أبي زُبيد الطائي: