للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالتّصحيف - عندهم - خاصّ بالتّغيير في النَّقْطِ في الحروف المتشابهة، كالياء والتّاء والثّاء، والجيم والحاء والخاء، والدّال والذّال، والرّاء والزّاي.

وأمّا التّحريف فهو خاصٌّ بتغيير شكل الحروف المتقاربة، كالدّال والرّاء، والدّال واللاّم، والنّون والزّاي (١) .

وقد وقع في التّصحيف والتّحريف جماعة من الأجلاّء من أئمّة اللّغة، وأئمّة الحديث، حتّى قال الإمام أحمد بن حنبل: ومن يعرى من الخطأ والتّصحيف؟ ٢ وقد تصدّى فريق من العلماء إلى ما وقع من تصحيف في بعض المعاجم اللّغويّة؛ ومن أهمّها ((العين)) للخليل و ((الجمهرة)) لابن دريد، و ((الصِّحاح)) للجوهريّ. وقد تعقّب الأخيرَ بعض العلماء؛ كابنِ برّيّ، والصّغاني، والفيروز آباديّ.

وممّا لا شكّ فيه أنّ التّصحيف والتّحريف يؤدّيان إلى تغيير أصل الكلمة. وقد يؤدّي هذا التّغيير إلى تداخل الأصول؛ ولا سيّما فيما وقع فيه خلاف بين العلماء؛ ممّا يحتمل الوجهين؛ كخلافهم في ((الجَرَجَةِ)) وهي: جَادَّةُ الطَّريق؛ فقال بعضهم: هي ((الخَرَجَةُ)) وقال بعضهم الآخر: ((الجَرَجَةُ))

وقد نقل ابن برّي الخلاف بينهم، وذكر أنّ ثعلباً وابن خالويه وأبا عبيد وغيرهم كانوا يقولون: ((الجَرَحَةُ)) ويجعلون الخاء تصحيفاً. وذكر أنّ الصّمعيّ وابن السِّكَّيت وأبا سهل الهرويّ وغيرهم كانوا يقولون:


١ ينظر: تحقيق النّصوص ونشرها ٦٧، ومدخل إلى تاريخ نشر التّراث العربيّ ٢٨٦، ٢٨٧، ومناهج تحقيق التّراث ١٢٤.
٢ ينظر: المزهر ٢/٣٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>