للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يخطّئ الصَّفَدِيُّ صاحبَ (الصِّحاح) بغير حقٍّ؛ كانتقاده إيراده في مادّة (ف ر أ) قولهم في المثل: (كُلُّ الصَّيدِ في جوف الفَرَإِ١) والفَرَأ: حمار الوحش. قال: "المشهور عندهم في هذا: الفَرَا، مقصور غير مهموز؛ وهو مثلٌ، وحقُّ الأمثال أن لا تغيّر عمّا سمعتْ؛ وشيء آخر: أنّ الأمثال موضوعة على الوقف، ولمّا سكّنت الهمزة أبدلت ألفاً لانفتاح ما قبلها؛ وكان ينبغي أن يورده في باب المعتلّ، وينبّه هناك على أنّ أصله الهمز"٢.

والصّواب في أصل هذه الكلمة وموضعها ما صنعه الجوهريّ؛ لأنّ الفَرَأ مهموز؛ كما ذكر الصَّفَدِيّ نفسه؛ ولم يقل أحد إنّه معتلّ، أمّا مجيئه مسهّلاً في المثل فلا يحوّل أصله وموضعه إلى المعتلّ؛ لأنّ قاعدتهم العامّة في صناعة المعاجم أن توضع الكلمة في أصلها، وقد تساهلوا في وضعها في الموضعين: الأصلِ والفرعِ؛ أمّا أن توضع في الفرع دون الأصل فخلاف مذهبهم، وزدْ على ذلك أنّ البكريّ روى المثل مهموزاً ٣ فبطل ما احتجّ به الصَّفَدِيّ، ولو جاز ما قاله لوضعت كلّ كلمة في فرعها، وأبواب الإبدال والتّسهيل والقلب والحذف واسعة؛ فيزداد بذلك التّداخل، وتختلط الأصول.

والظّاهر أنّ الصَّفَدِيّ نقل أصل هذا الاعتراض عن ابن برّي؛ دون أن يدرك مراده؛ فاعتراضُ ابن برّي لم يكن على أصل الكلمة وموضعها


١ ينظر: الصِّحاح (فرأ) ١/٦٢.
٢ نُفوذُ السَّهم ٩ب.
٣ ينظر: فصل المقال١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>