ومن القضايا المهمّة الَّتي عرض لها الشّدياق في مقدمته - ممَّا له صلة بتداخل الأصول حديثه عن الترتيب المعجمي، وانتقاده بعض المدارس، وقد بدأ حديثه بالكلام عن مدرسة التقليبات، وأشار إلى أهم المعاجم الَّتي اتبعتها، وانتهى إلى أنّ هذه المعاجم اتبعت نظاماً عسيراً زاده صعوبة التزامها الترتيب الصّوتي غير المشهور.
غير أنّه أوهم مرتاد هذا النوع من المعاجم؛ حين قال: إنّ البحث عن الألفاظ فيها "صعب جداً؛ لأنّك إذا أردت أن تبحث مثلاً عن لفظة: رَقَبَ، لم تدر هل هي الأصل؛ فتبحث عنها في الرّاء، أو مقلوبة عن: قَرَبَ؛ فتبحث عنها في القاف، أو عن: بَرَقَ؛ وما بين هذه الحروف مسافة بعيدة"١.
وهذا القول عجيب من الشدياق ومخالف لواقع تلك المعاجم؛ فإنّ القارئ لا يحتاج إلى هذه الاحتمالات الَّتي ذكرها؛ فحسبه - في هذه المعاجم - أن يعرف أسبق حروف الكلمة في الترتيب الصّوتي؛ بغضّ النّظر عن كونه فاء الكلمة أو عينها أو لامها؛ فـ (رَقَبَ) مثلاً تعود إلى كتاب القاف؛ لأنّه أسبق الحروف الثلاثة، ولمّا كانت الرّاء أسبق من الباء فالكلمة بجميع تقليباتها في باب القاف والرّاء والباء؛ أي في (ق ر ب) .
وتحدّث الشِّدياق عن ترتيب الجوهريّ ومن تابعه؛ وهو ما يعرف بمدرسة القافية؛ فشرح طريقتها، وفضّلها على نظام التقليبات، ثمّ شرع في