للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام عن النّظام الثالث؛ وهو الَّذي اشتهر على يد الزمخشري في (الأساس) الَّذي يتخذ من الحرف الأوّل؛ والذي يليه إلى آخر الكلمة أساساً للتّرتيب؛ وهو ما يعرف - حديثاً - بالمدرسة الهجائيّة العاديّة وأسميه مدرسة الصدور؛ وقد ارتضى الشّدياق هذا المنهج، وفضّله على نظام القافية؛ لأنّ في هذا الأخير - أعني: نظام القافية - فصلاً لتناسب معاني الكلمة، ومواراةً لأسرار وضعها ومبانيها، وفيه إجحاف - كما يقول - بأحرف الكلمة؛ لأنّنا نرى أنّ كثيراً ممَّا ورد في باب الهمزة؛ وهي أول المعجم؛ يعاد في باب المعتلّ؛ وهو آخر المعجم؛ نحو: برأ الله الخلق وبراهم، وحضأ النّار وحضَاهَا؛ أي: أوقدها، بينما تقترب المسافة بينهما في النظام الآخر؛ الَّذي اتّبعه الزّمخشري١.

كما أنّ الألفاظ؛ الَّتي تأتي من الثنائي المضاعف، تعاد - أحياناً - في نحو: أَلَّ وأَلَبَ، ورّبّ ورَبَىَ، ودَحَّ ودَحَا، وذكر أنّ أمثال ذلك لا يعدّ ولا يحصى؛ بينما تكون متقاربة في النّظام الهجائي العادي؛ وبهذا يفضل هذا النّظام على ما سواه؛ لأنّ فيه تظهر حكمة وضع اللّغة٢ ولعلّ هذا ما دفع الشِّدياق إلى بناء معجمه (سرّ اللّيال) على هذا النّظام؛ فتكشّف له كثير من الأفكار، الَّتي نادى بها، ولا سيّما ثنائيّة اللغ

ب- نقده ما جاء في غير موضعه:

يؤدي تداخل الأصول إلى وضع الكلمة في غير موضعها الصحيح؛


١ ينظر: الجاسوس ٢٤-٢٧.
٢ الجاسوس ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>