للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فثبتت حجته البالغة عليهم بذلك، واضمحلت حجتهم الباطلة عليه بمشيئته وقضائه"١.

وأورد الشيخ الأمين -رحمه الله- أيضا للجبرية شبهة أخرى يبنون عليها معتقدهم الفاسد، وردّ عليها، وفندها. وقد ذكرها -رحمه الله- مرارا لأهميتها؛ فقال -رحمه الله- ذاكرا الشبهة ورادا عليها: "فإن قيل: إذا كانوا لايستطيعون السمع، ولايبصرون ولايفقهون؛ لأنّ الله جعل الأكنة المانعة من الفهم على قلوبهم، والوقر الذي هو الثقل المانع من السمع في آذانهم: فهم مجبورون. فما وجه تعذيبهم على شيء لايستطيعون العدول عنه والانصراف إلى غيره؟ فالجواب: أنّ الله جل وعلا بين في آيات كثيرة من كتابه العظيم أنّ تلك الموانع التي يجعلها على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم؛ كالختم والطبع والغشاوة والأكنة ونحو ذلك إنما جعلها عليهم جزاء وفاقا لما بادروا إليه من الكفر وتكذيب الرسل باختيارهم؛ فأزاغ الله قلوبهم بالطبع والأكنة ونحو ذلك جزاء على كفرهم؛ فمن الآيات الدالة على ذلك: قوله تعالى: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِم} ٢، أي بسب كفرهم، وهو نص قرآني صريح في أنّ كفرهم السابق هو سبب الطبع على قلوبهم. وقوله: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} ٣، وهو دليل أيضا واضح على أنّ سبب إزاغة الله قلوبهم هو زيغهم السابق. وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِم} ٤ وفي قوله تعالى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً ... } الآية٥، وقوله: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا


١ شفاء العليل ص١٧.
وانظر رفع الشبهة والغرر عمن يحتج على فعل المعاصي بالقدر، للعلامة مرعي الكرمي ص٣٠.
٢ سورة النساء، الآية [١٥٥] .
٣ سورة الصف، الآية [٥] .
٤ سورة المنافقون، الآية [٣] .
٥ سورة البقرة، الآية [١٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>