الفكون ذلك كتابة وإنما اكتفى بقوله له (إني أقول لك كما قال الإمام الشاذلي، رضي الله عنه: لك ما لنا من الخدمة، وعليك ما علينا من الرحمة). وهذا في الواقع تهرب من إعطاء الإجازة والرضى المكتوب بالدخول في الطريقة. وقد تحرج العياشي من ذلك وقنع، كما قال، بهذه الكلمة حتى لا يثقل على الشيخ:(قنعت منه. بالكلمة التي قالها لي لما علمت حاله، وخشيت أن أثقل عليه وأكلفه ما لا تطيب به نفسه، فإنه. من أهل القلوب (١).
ولعل نفس الموقف وقفه الفكون مع تلميذه الآخر عيسى الثعالبي. فقد ذكر هذا في فهرسه المسمى (كنز الرواة) أنه أخذ عن شيخه الفكون بعض كتب الحديث، وحصل منه على الإجازة فيها. ومن جهة أخرى عرض عليه الثعالبي الوظيفة الزروقية كما عرض عليه حزب البحر لأبي الحسن الشاذلي وكلاهما عمل يضم مبادىء الطريقتين الأصلية (الشاذلية) والفرعية (الزروقية) - وقد لقن الفكون الذكر للثعالبي على عادة الصوفية، ولكنه اكتفى هنا بكلمة الإخلاص (سورة الإخلاص؟) ثم ألبسه الخرقة الصوفية قائلا له: (خالدة تالدة لا تباع ولا توهب). هكذا روى الثعالبي عن شيخه الفكون. ونحن وإن كنا لا نشك في نسبة الفكون للطريقة الزروقية نكاد نشك في تلقين الفكون له الذكر وإلباسه الخرقة على النحو الذي حدث. فقد عرفنا من كتابات الفكون أنه من طينة أخرى، وأنه عاتب معاصريه، على هذا الأسلوب، فكيف يمارسه هو؟!