للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تأملها وجد فيها جملة بخط أصفر اللون تقرأ هكذا: كان فعل ماض أو ما معناه. وعندما استيقظ من نومه فهم أن ذلك إذن من جده له في الاشتغال بعلم النحو. (فاشتغلت به فحصلت لي فيه ملكة، والحمد لله، وذلك من بركته) (١)، وهذا في الواقع هو ما يمكن أن نعتبره الدافع الأسطوري لاشتغاله بعلم النحو دون سائر العلوم.

أما الدافع الواقعي فهو تأثير الشيخين: محمد بن راشد الزواوي، ومحمد التواتي عليه. وكثيرا ما يقلد التلميذ شيخه، وكثيرا ما يتأثر الطالب بشخصية أستاذه فيتعلق حتى بالعلم الذي يدرسه. ولا بد أن يكون هناك استعداد فطري لذلك ولا يكفي فيه مجرد التأثر أو التقليد. وقد كان الفكون ممن توفر فيهم الاستعداد الفطري لدراسة النحو، فهو تلميذ نجيب طليق اللسان، من أسرة علمية تتوفر على مكتبة ضخمة. وكان لا ينقصه الطموح، فقد كان يرى والده متوليا وظائف الخطابة والإمامة بالجامع الأعظم في قسنطينة، وهي وظائف تقتضي البيان وطلاقة اللسان والذكاء. وكان يعرف أن جده يشتغل أيضا بالبيان وألف فيه وفضل تدريسه دون غيره. فلماذا لا يشتغل هو بالنحو ويبز فيه أقرانه ويلفت إليه نظر أساتذته ويؤلف فيه وينعي على علماء عصره عدم معرفتهم بالقواعد العربية، وعيي ألسنتهم في الخطابة، وخرس أقلامهم في الكتابة، ويصبح هو المجلى بينهم وهو فارس الميدان؟

وكان للتحدي كذلك دور في تعلق الفكون بالنحو. وهناك


(١) (منشور الهداية)، ص ٢٥.

<<  <   >  >>