قسنطينة حدودهم الدفاعية الشرقية ضد الإسبان وهكذا كثرت الأطراف المتنافسة كما لاحظنا، وكان كل طرف يبحث له عن الحلفاء والأنصار. وكان الدين عاملا مهما في انضمام السكان إلى العثمانيين الذين ظهروا على المسرح كحماة للإسلام ولكن كثيرا من السكان لم يفهموا من ذلك الانضمام إلى الحكم العثماني بصفة دائمة، بل اعتقدوا أنه مجرد تحالف مؤقت وتعاون لدفع الخطر المشترك.
وأثناء هذا التطور الذي قد يزيد القارىء غير المتخصص تشويشا، عين خير الدين بربروس أحد قواده على قسنطينة ليحافظ على الخط العثماني الإسلامي أمام القوة الإسبانية التي تغلبت عليه في تونس (سنة ٩٣٥/ ١٥٢٨ م). ورجع هو إلى الجزائر لينظم حملة جديدة لاسترداد تونس. وكان ذلك القائد الجديد على قسنطينة هو (حسن آغا) الذي سيخلف خير الدين نسفه في الحكم بالجرائر ويكون بطل المعركة الفاصلة التي دارت بينه وبين شارلكان في مرسى الجزائر سنة ١٥٤١ م ولكن متى كان تعيين قائد جديد على مدينة قسنطينة يحل كل المشاكل ويوطد الأمن والاستقرار؟ إن مثل هذا التعيين من شأنه أن يخلق تكتلات جديدة بين الناس مؤيدين ومعارضين، مستفيدين ومحرومين، مطمئنين وخائفين؟ (١) وسنرى أن ذلك هو ما حدث لأهل
(١) تذكر الروايات أن السلطان الحفصي كان قد أرسل القائد علي بن فرح إلى قسنطينة فأعاد إليها الأمن. وهذا القائد جاء قبل سنة ٩٣٢ (١٥٢٦) وصاهر أهل قسنطينة. وبقي من نسله أناس منهم أبو الفضل قاسم ابن فرح (١٦٣١) الذي كان من العلماء بقسنطينة. انظر فايسات (روكاي =