للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

راشد نصحه بمواصلة الحضور وعدم السؤال، كما كان يحس أن الدرس كان أقوى منه وأن معاني الشيح وإيراداته واحتجاجاته أبعد من فهمه. وكان الدرس، كما سبق، يجري في مدرسة آل الفكون، وكانت تقع مناظرات بين ابن راشد والتواتي يحضرها التلاميذ ومن بينهم الفكون ويعجبون بذلك. وكان بين الشيخين خلاف في الرأي يؤدي أحيانا إلى اختلاف في النتائح. فهذا ابن راشد كان يعتمد على كتاب ابن بابشاذ على الجمل، بينما كان التواتي يعتمد على سراج التسهيل. (فلم يتواردا على مورد واحد) كما يقول الفكون. وكانت في طبع التواتي حدة تؤدي به إلى سب ابن راشد أحيانا والثورة عليه. بل (كان لا يحتمل البحث ولا يرضاه ويضيق ذرعا، وجعل قوة علمه حفظ ما يلقيه لأصحابه) وظل الفكون غير معروف للتواتي إلى أن غاب مسمع الشيخ فأشار عليه ابن راشد بإعطاء الكتاب للفكون وعندئذ اكتشفه التواتي، فصيحا فطنا عارفا بالخط واضح الصوت فقربه إليه وجعل منه تلميذا ناجحا في النحو (١).


(١) ترجم الفكون لمحمد التواتي، فقال إنه قرأ النحو بالمغرب وكان يلقب بسيبويه زمانه. وجاء إلى زواوة ومكث بها سنة لقراءة القراءات السبع ثم انتقل إلى نقاوس، واشتهر أمره بقسنطينة حيث كان يلقي دروسه في مدرسة آل الفكون وأقبل عليه الطلبة من كل ناحية وكان مشاركا أيضا في علوم أخرى كالأصول والبيان والمنطق. وامتحن مع السلطة بسبب فرار أحدهم إليه، فذهب إلى باجة بتونس، ووجد هناك النكران وسوء التقدير، وقد توفي هناك بالطاعون سنة ١٠٣١ انظر (منشور الهداية)، ص ٩٦.

<<  <   >  >>