للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للمناظرة، لسرعة إخراجي للخط وعدم توقفي فيه. فمن أجل ذلك اعتمدني لإقراء الكتاب). وأما فهم مسائل المرادي وإدراك قواعد الإعراب ونحو ذلك فما يزال الفكون بعيدا عنها ولكنه لازم ابن راشد على ذلك النحو، وكان يجد لذة وغبطة في مواصلة هذه المهمة ويحضر مناظرة ابن راشد للحاضرين، ويقرأ له أيضا من الكتاب المسألة التي يناظر بها، ويتفاعل مع شعر الشواهد ويستحسن معانيها وأخذ الفكون يجد بالتدرج ذوقه وقد صقل، واستطاب علم النحو دون غيره، وشجعه ابن راشد فكان يخصه بلفتة ويقرر له المسألة وحده بعد أن يخلص من تقريرها للتلاميذ الآخرين. وكان يحثه أيضا على حضور دروس الشيخ محمد التواتي التي ما جاء هو (ابن راشد) من زواوة إلا لحضورها.

ويخبرنا الفكون أنه لم يكن يحضر دروس التواتي من قبل. بل كان ينفر منه، ثم هو لا يعرفه كل المعرفة وإنما كان يسمع عنه من الطلبة. ولكن بنصيحة ابن راشد صار الفكون يحضر دروس التواتي، وأحس كأن الله ألقى احترامه في قلبه بعد أن كان ينفر منه، وكبر ذلك الاحترام عنده حتى صار يرى التواتي كالأسد يزأر بعلم النحو في حلقة الدرس وكأن الطلبة الحائطين به أشبال. وكان الفكون في بداية أمره يجلس في آخر الحلقة بعيدا عن نظر الشيخ، كما كان التواتي لا يعيره أي اهتمام. وكان من عادة التواتي أنه يتضايق من سؤال السائلين الواردين على درسه خشية أن يكون هدفهم تعجيزه فقط أو مشاكسته. وشكا الفكون ذات مرة لابن راشد مما أحس به من جفاء الشيخ معه، ولكن ابن

<<  <   >  >>