تناول الدخان حتى أنه جعل عنوان كتابه يوحي بذلك فسدد سيفه البتار إلى رقاب متعاطيه، واعتبر ذلك من الجهاد في سبيل الله.
وهذا الكتاب من أوائل ما ألف الفكون. فهو يعود إلى سنة ١٠٢٥. ويبدو أن الأيدي تناولته بالنسخ منذ تأليفه، ومع ذلك لم تصل إلينا منه نسخة كاملة صحيحة. والذي وصل إلينا منه نسخة نسخها حاج مغربي يسمى محمد بن عبد الرحمن الحسني التادلي سنة ١١٧٨، أي أكثر من قرن بعد وفاة المؤلف. ومع ذلك فقد أحسن التادلي بكتابة هذه النسخة إذ لولاها لما عرفنا حجم الكتاب ولا طريقة صاحبه ولا محتواه كاملا ولكن الحاج التادلي شكا أنه إنما نسخه من نسخة محرفة ومصحفة وفي بلاد بعيدة عن موطنه وفي ظرف خاص هو وقت الرجوع من الحج. وهذه الأسباب جعلت نسخته تبدو ناقصة، ومع ذلك فما دامت الوحيدة الموجودة، فيما نعلم، فهي مهمة للغاية.
ومن حسن الحظ أننا حصلنا على صورة عن نسخة الحاج التادلي من كتاب (محدد السنان) بعد جهد جهيد ومحاولات مضنية. فقد كنا عرفنا عن وجودها بالمكتبة الملكية بالرباط، تحت رقم ٦٢٢٩. ومن الذين أشاروا إلى وجودها هناك الباحث المغريى المدقق محمد المنونى في بحث له ألقاه بتونس عام ١٩٧٤، بمناسبة انعقاد المؤتمر الأول لتاريخ المغرب العربي وحضارته (١) وحاولت الحصول على صورة من
(١) انظر محمد المنوني (ملامح عن تطور المغرب العربي في بدايات العصور الحديثة) في (أشغال المؤتمر الأول لتاريخ المغرب العربي وحضارته)، الجزء ٢، تونس، ١٩٧٩، ص ٧٥.