للمدينة وموت العديد من أهلها، وفي مقدمتهم بعض العلماء والأعيان. وهو نفسه قد مات بالطاعون سنة ١٠٧٣. ومن التواريخ البارزة لهذه الطواعين ما حدث سنة ١٦٠٢، وسنة ١٦٢٢، وسنة ١٦٣٤، وسنة ١٦٤٤ (١٠٥٤) ثم طاعون سنة ١٠٧٣ (١٦٨٠) الذي أشرنا إليه (١) أما الجفاف فأكبره ما حدث عام ١٦٠٢ والذي دام حوالي تسع سنوات، تلته مجاعة، وجفاف سنة ١٦٤٧ (١٠٥٧) والذي تلته مجاعة كبيرة، وقد حصل بعدها كثير من النهب والتعدي وانحلال التوازن الاقتصادي. وهذه الأزمات الاجتماعية - الاقتصادية (بالإضافة إلى الثورات التي أشرنا إليها) كانت تقود أعيان المدينة، ولا سيما العلماء ورجال الدين، إلى تولي المسؤوليات الأخلاقية والروحية والقيام بالواجب الشرعي تفاديا للمزيد من الفوضى وحقنا للدماء وصونا للأعراض. ولعل من هؤلاء عبد الكريم الفكون الذي أصبح في القرن السابع عشر (١١ / هـ) ليس مجرد رجل عادي من أعيان قسنطينة ولكنه أصبح زعيما روحيا وقيادة أخلاقية عالية في البلاد يهابها الحاكم ويلتجىء إليها المحكوم.
ومن الجوائح التي تعرضت إليها قسنطينة حلول الجراد سنوات ١٠٢٣، ١٠٢٤، ١٠٢٥، وقد وصف لنا الفكون في كتابه (محدد السنان) هجوم الجراد سنة ١٠٢٤، فقال (وقعة الجراد الوارد
(١) ذكر الفكون أن بركات المسبح قد توفي بالطاعون سنة ٩٨٢ / هـ. وأشار إلى وتوع الطاعون سنة ١٠٣١ ووفاة عدد من العلماء به. أما طاعون سنة ١٠٧٣ فقد دام ثلاثة أشهر (من رمضان إلى ذي القعدة). وفي يوم واحد أودى بحياة ٥٠٠ (خمسمائة) شخص من قسنطينة وحدها.