تشربوا الخمر، وأما إيقاع طلاق السكران على مذهب الحنفية فهو عقاب له على سكره، ولهذا شرطوا أن يكون جانيًا بسكره بأن شرب محرما طائعا.
وأما من لا يعرفون اللغة العربية، ولا يستطيعون فهم أدلة التكليف الشرعية من القرآن والسنة، كاليابانيين والهنود والجاويين وغيرهم، فهؤلاء لا يصح تكليفهم شرعا إلا إذا تعلموا اللغة العربية واستطاعوا أن يفهموا نصوصها، أو ترجمت أدلة التكليف الشرعية إلى لغتهم، بحيث يستطيعون أن يجدوا كتابا دينيا بلغتهم يبين لهم ما يكلفهم به الإسلامي، أو قامت طائفة بتعلم لغات هذه الأمم التي لا تعرف اللغة العربية، ونشرت بينهم تعاليم الإسلام، وأدلته التكليفية مخاطبة لهم بلغتهم، وهذا الطريق الثالث هو الطريق القويم؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في خطبته يوم حجة الوداع أشهد الله أنه بلغ رسالته، وأمر المسلمين أن يبلغ منهم الشاهد الغائب، والشاهد يشمل كل من اهتدى إلى الإسلام وعرف أحكامه. والغائب يشمل كل من لم يعرف لغة القرآن ولم يستطع فهم آياته. فأما إذا ترك هذا الغائب على حاله لا يعرف لغة القرآن، ولا يستطيع أن يفهم دلائله، ولا ترجمت آياته إلى لغته، ولا قام أحد يعرف لغة القرآن بتعليمه ما يكلف به باللغة التي يفهمها؛ فهو شرعًا غير مكلف؛ لأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها. ولهذا قال الله تعالى في سورة إبراهيم:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} .
وثانيهما: أن يكون أهلًا لما كلف به.
والأهلية معناها في اللغة: الصلاحية. يقال: فلان أهل للنظر على الوقف أي صالح له.
وأما في اصطلاح الأصوليين فالأهلية تنقسم إلى قسمين: أهلية وجوب، وأهلية أداء، فأهلية الوجوب هي صلاحية الإنسان، لأن تثبت له حقوق وتجب عليه واجبات، وأساسها الخاص التي خلق الله عليها الإنسان، واختصه بها من بين أنواع الحيوان، وبها صلح لأن تثبت له حقوق وتجب عليه واجبات. وهذه الخاصة هي التي سماها الفقهاء الذمة. فالذمة هي الصفة الفطرية الإنسانية التي بها ثبتت للإنسان حقوق قبل غيره، ووجبت عليه واجبات لغيره.
وهذه الأهلية أي أهلية الوجوب ثابتة لكل إنسان بوصف أنه إنسان سواء أكان ذكرا أم أنثى، وسواء أكان جنينا أم طفلا أم مميزا أم بالغا، أم رشيدا أم سفيهًا،