عاقلا أو مجنونا، صحيحا أو مريضا؛ لأنها مبنية على خاصة فطرية في الإنسان. فكل إنسان أيا كان له أهلية الوجوب ولا يوجد إنسان عديم أهلية الوجوب؛ لأن أهليته للوجوب هي إنسانيته.
وأما أهلية الأداء: فهي صلاحية المكلف، لأن تعتبر شرعا أقواله وأفعاله. بحيث إذا صدر منه عقد أو تصرف كان معتبرا شرعا وترتبت عليه أحكامه، وإذا صلى أو صام أو حج أو فعل أي واجب كان معتبرا شرعا ومسقطا عنه الواجب، وإذا جنى على غيره، في نفس أو مال أو عرض أخذ بجنايته وعوقب عليها بدنيا وماليا، فأهلية الأداء هي المسئولية وأساسها في الإنسان التمييز بالعقل.
حالات الإنسان بالنسبة لأهلية الوجوب:
الإنسان بالنسبة لأهلية الوجوب به حالتان اثنتان فقط:
فقد تكون له أهلية وجوب ناقصة إذا صلح؛ لأن تثبت له حقوق، لا لأن تجب عليه واجبات، أو العكس، ومثلوا للأول بالجنين في بطن أمه فإنه تثبت له حقوق؛ لأنه يرث ويوصى له ويستحق في ربع الوقف، ولكن لا تجب عليه لغيره واجبات، فأهلية الوجوب الثابتة له ناقصة، ومثلوا للثاني بالميت، إذا مات مدينا فإنه تبقى عليه حقوق دائنيه، بل إن بعض الفقهاء اعتبر للميت بعد موته أهلية وجوب كاملة، إذا مات دائنا ومدينا فتكون له حقوق على مدينيه، وعليه حقوق لدائنيه، وهذا كلام لا وجه له. والحق أن الموت قضى على خاصة الإنسان، فليست له ذمة ولا أهلية وجوب كاملة ولا ناقصة، وأما مطالبة مدينيه بما عليهم من الديون؛ فلأنها صارت حقا للورثة، والورثة خلفوا مورثهم فيما كان له وفيما كان عليه في حدود ما تركه، وبعبارة أخرى ورثوا ما له من ديون على غيره، وآلت إليهم تركته مشغولة بديون لغيره.
وقد تكون له أهلية وجوب كاملة إذا صلح، لأن تثبت له حقوق وتجب عليه واجبات، وهذه تثبت لكل إنسان من حين ولادته، فهو في طفولته وفي سن تمييزه، وبعد بلوغه، على أية حال كان في أي طور من أطوار حياته له أهلية وجوب كاملة. وكما قدمنا لا يوجد إنسان عديم أهلية الوجوب.