١- قد يكون عديم الأهلية للأداء أصلًا، أو فاقدها أصلا. وهذا هو الطفل في زمن طفولته والمجنون في أي سن كان. فكل منهما لكونه لا عقل له لا أهلية أداء له، وكل منهما لا تترتب آثار شرعية على أقواله ولا على أفعاله، فعقوده وتصرفاته باطلة، غاية الأمر أنه إذا جنى أحدهما على نفس أو مال يؤاخذ ماليا لا بدنيا، فإذا قتل الطفل أو المجنون أو أتلف مال غيره ضمن دية القتيل أو ما أتلفه ولكنه لا يقتص منه. وهذا معنى قول الفقهاء:"عمد الطفل أو المجنون خطأ"؛ لأنه ما دام لا يوجد العقل لا يوجد القصد فلا يوجد العمد.
٢- وقد يكون ناقص الأهلية للأداء، وهو المميز الذي لم يبلغ الحلم، وهذا يصدق على الصبي في دور التمييز قبل البلوغ، ويصدق على المعتوه، فإن المعتوه ليس مختل العقل ولا فاقده ولكنه ضعيف العقل ناقصه، فحكمه حكم الصبي المميز. وكل منهما لوجود وثبوت أصل أهلية الأداء له بالتمييز تصح تصرفاته النافعة له نفعا محضا، كقبوله الهبات والصدقات بدون إذن وليه.
وأما تصرفاته الضارة بماله ضررا محضا، كتبرعاته، وإسقاطاته، فلا تصح أصلا ولو أجازها وليه، فهبته ووصيته ووقفه وطلاقه وإعتاقه كل هذه باطلة ولا تلحقها إجازة وليه.
وأما تصرفاته الدائرة بين النفع له والضرر به، فتصح منه ولكنها تكون موقوفة على إذن وليه بها. فإن أجاز وليه العقد أو التصرف نفذ، وإن لم يجزه بطل.
فصحة أصل هذه العقود والتصرفات من المميز أو المعتوه مبنية على ثبوت أصل أهلية الأداء له، وجعلها موقوفة على إذن الولي مبني على نقص هذه الأهلية، فإذا انضم الولي أو إجازته إلى التصرف جبر هذا النقص، فاعتبر العقد أو التصرف من ذي أهلية كاملة.
٣- وقد يكون كامل الأهلية للأداء وهو من بلغ الحلم عاقلا. فأهلية الأداء الكاملة تتحقق ببلوغ الإنسان عاقلا.