كالسفه، والغفلة والدين، فكل من السفيه وذي الغفلة بالغ عاقل له أهلية أداء كاملة، ولكن محافظة على مال كل منهم من الضياع، ومنعا من أن يكون كل منهما عالة على غيره حجر عليهم في التصرفات المالية، فلا تصح معاوضة مالية منهما، ولا تبرعات مالية، لا لفقد أهليتهما، أو نقصها، ولكن محافظة على مالهما.
وكذلك المدين بالغ عاقل له أهلية أداء كاملة. ولكن محافظة على حقوق دائنيه حجر عليه أن يتصرف في ماله بما يضر بحقوق الدائنين كالتبرعات.
فأهلية الأداء أساسها التمييز بالعقل، وأمارة العقل البلوغ، فمن بلغ عاقلًا فأهليته للأداء كاملة، وإذا طرأ عليه طارئ ذهب بعقله كالجنون، أو أضعفه كالعته، أو حال دون فهمه كالنوم والإغماء، فهذا الطارئ عارض له تأثير في أهلية الأداء بإزالتها أو بنقصها.
وإذا طرأ على الإنسان طارئ لم يذهب بعقله ولم يضعفه ولم يحل دون فهمه، فهذا الطارئ لا تأثير له في أهلية الأداء لا بإزالة ولا بنقص، وإن كان يقضي بتغير بعض الأحكام لمصالح اقتضت هذا التغير، كالسفه والغفلة والدين. ولهذا لا يرى الإمام أبو حنيفة الحجر بواحد من هذه الثلاثة؛ لأنه لا تأثير لواحد منها في أهلية الإنسان، ويرى أن المصالح التي ترتب على الحجر بها لا توازن بالضرر الذي يلحق الإنسان من الحجر عليه، واعتباره غير أهل.