ومادة ١٥٧: تقدير النفقات يكون بمراعاة لوازم من تفرض لهم ويسر من تفرض عليهم، وعلى كل حل يلزم دفع النفقات شهرا بشهر مقدما.
يفهم من عبارة كل مادة من هذه المواد حكم موضوعي من أحكام النفقات، ويفهم منها بالإشارة اختصاص المحاكم الأهلية بالقضاء بها، لأن يلزم من النص علها في قانونها وجوب تطبيقها، فهذا الاختصاص معنى لازم لورود هذه المواد في القانون، وغير مقصود من سياق المواد فهو مفهوم بطريق الإشارة.
وكثير من النصوص القانونية الوضعية تدل عبارتها على أحكام، وتشير إلى أحكام، وهذا ما يعبر عنه رجال القانون بقولهم: النص صريح في كذا، ويؤخد منه بطريق الإشارة كذا.
ويجب الاحتياط في الاستدلال بطريق الإشارة وقصره على ما يكون لازما لمعنى من معاني النص لزوما لا انفكاك له؛ لأن هذا هو الذي يكون النص دالا عليه، إذ الدال على الملزوم دال على لازمه، وأما تحميل النص معاني بعيدة لا تلازم بينها وبين معنى فيه بزعم أنها إشارته، فهذا شطط في فهم النصوص، وليس هو المراد بدلالة إشارة النص.
٣- دلالة النص:
المراد بما يفهم من دلالة النص المعنى الذي يفهم من روحه ومعقولة، فإذا كان النص تدل عبارته على حكم في واقعة لعلة بني عليها هذا الحكم، ووجدت واقعة أخرى، تساوي هذه الواقعة في علة الحكم أو هي أولى منها، وهذه المساواة أو الأولوية تتبادر إلى الفهم بمجرد فهم اللغة من غير حاجة إلى اجتهاد أو قياس، فإنه يفهم لغة أن النص تناول الواقعتين، وأن حكمه الثابت لمنطوقه يثبت لمفهومه الموافق له في العلة، سواء كان مساويا أم أولى.
مثال هذا قوله تعالى في شأن الوالدين:{فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} تدل عبارة هذا النص على نهي الولد أن يقول لوالديه: "أف"؛ والعلة في هذا النهي ما في هذا القول لهما من إيذائهما وإيلامهما، وتوجد أنواع أخرى أشد إيذاء، وإيلاما من التأفف كالضرب والشتم، فيتبادر إلى الفهم أنها يتنالها النهي، وتكون محرمة بالنص الذي حرم التأفف؛ لأن المتبادر لغة من النهي عن التأفف، النهي عما هو أكثر منه إيذاء للوالدين فهنا المفهوم الموافق المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق.