مثال آخر قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} .
يفهم من عبارة هذا لنص تحريم أكل الأوصياء أمول اليتامى ظلما، ويفهم من دلالته تحريم أن يؤكلوها غيرهم، وتحريم إحراقها وتبديدها وإتلافها بأي نوع من أنواع الإتلاف؛ لأن هذه الأشياء تساوي أكلها ظلما في أن كلا منها اعتداء على مال القاصر العاجز عن دفع الاعتداء، فيكون النص المحرم بعبارته أكل أموال اليتامى ظلما؛ محرما إحراقها وتبديدها بطريق الدلالة، وهنا المفهوم الوافق المسكوت عنه مساو للمنطوق، فالفرق بين دلالة النص، وبين القياس أن مساواة المفهوم الموافق لمنطوق النص تفهم بمجرد فهم اللغة من غير توقف على اجتهاد واستنباط، وأما مساواة المقيس عليه فلا تفهم بمجرد فهم اللغة، بل لا بد من اجتهاد في استنباط العلة في حكم المقيس عليه، وفي معرفة تحققها في المقيس.
مثال من القانون المدني الملغي: نصت المادة ٣٧٠ على أنه "لا يكلف المؤجر بعمل أي مرمة كانت إلا إذا اشترط في العقد إلزامه بذلك" يفهم من دلالة هذا النص أنه لا يكلف المؤجر بإنشاء حجرة مثلا: لأن هذا أولى من عمل المرمة في تحقق علة المنع من التكليف به، وهي التراضي على المعقود عليه بحاله وقت العقد.
مثال من قانون العقوبات: نصت المادة ٢٧٤ على "أن المرأة المتزوجة التي ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين، ولكن لزوجها أن يقف تنفيذ هذا الحكم برضائه معاشرتها له كما كانت"، ويفهم من دلالة هذا النص أن للزوج أن يطلب وقف السير في دعوى الزنا قبل الحكم فيها؛ لأن من ملك وقف تنفيذ الحكم بعد صدوره ملك بالأولى وقف إجراءات الدعوى بشأنه.
ونصت المادة ٢٣٧ "على أن من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها في الحال يعاقب بالحبس بدلا من العقوبات المقررة في المادتين ٢٣٤، ٢٣٦".
يفهم من دلالة هذا النص أنه لو ضربها هي ومن يزني بها ضربا أحدث عاهة مستديمة تعتبر جريمة جنحة لا جناية؛ لأن هذا أولى بالقتل من التخفيف.
وجاء في حكم محكمة بني سويف الابتدائية الصادر في ٩ ديسمبر سنة ١٩٢٢ "رقم ٢١٣ ص٤٣، ص٤ مجلة المحاماة"، "إن العلة التي أدت بالشارع إلى سن قانون تشكيل اللجان لتخفيض إيجار الأطيان الزراعية إنما هي غلو