أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} ، وسائر النصوص التي ظاهرها التعارض.
والطريق لإزالة إشكال المشكل هو الاجتهاد. فعلى المجتهد، إذا ورد في النص لفظ مشترك أن يتوصل بالقرائن، والأدلة التي نصبها الشارع إلى إزالة إشكاله وتعيين المراد منه، كما تبين من اجتهاد المجتهدين تعيين المراد بلفظ القرء في الآية، واختلاف وجهة نظرهم في هذا التعيين، وإذا وردت نصوص ظاهرها التخالف والتعارض، فعلى المجتهد أن يؤولها تأويلا صحيحا يوفق بينها، ويزيل ما في ظاهرها من اختلاف، وهاديه في هذا التأويل: إما نصوص أخرى، أو قواعد الشرع أو حكمة التشريع.
٣- المجمل:
المراد بالمجمل في اصطلاح الأصوليين: اللفظ الذي لا يدل بصيغته على المراد منه، ولا توجد قرائن لفظية أو حالية تبينه، فسبب الخفاء فيه لفظي لا عارض.
فمن المجمل الألفاظ التي نقلها الشارع عن معانيها اللغوية، ووضعها لمعان اصطلاحية شرعية خاص، كألفاظ الصلاة والزكاة والصيام والحج والربا، وغير هذا من كل لفظ أراد به الشارع معنى شرعيا خاصا لا معناه اللغوي.
فإذا ورد لفظ منها في نص شرعي كان مجملا حتى يفسره الشارع. ولذا جاءت السنة العملية والقولية بتفسير الصلاة، وبيان أركانها وشروطها وهيئاتها، وقال الرسول:"صلوا كما رأيتموني أصلي". وكذلك فسر الزكاة والصيام والحج والربا، وكل ما جاء مجملًا في نصوص القرآن.
ومن المجمل اللفظ الغريب الذي فسره النص نفسه بمعنى خاص، كلفظ القارعة في قوله تعالى:{الْقَارِعَةُ، مَا الْقَارِعَةُ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ، يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} ، ولفظ الهلوع في قوله تعالى:{إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} .
ومن المجمل في نصوص القوانين الوضعية كلمة "أصل الأوقاف" الواردة بالمادة ١٦ من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية، فإن الشارع أراد بها معنى أجمله، ولم