للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللغة للباصرة، ولعين الماء النابع، وللجاسوس. ولفظ القرء، وضع في اللغة للطهر، وللحيض، ولفظ السنة، ولفظ اليد.

وأسباب وجود الألفاظ المشتركة في اللغة كثيرة، أهمها اختلاف القبائل في استعمال الألفاظ للدلالة على معان، فبعض القبائل تطلق اليد على الذراع كله، وأخرى تطلق اليد على الساعد والكف، وأخرى تطلقها على الكف خاصة، فنقلة اللغة يقررون أن اليد في اللغة العربية لفظ مشترك بين المعاني الثلاثة، ومنها أن يوضع اللفظ على سبيل الحقيقة لمعنى، ثم يستعمل في غير ما وضع له مجازًا، ثم يشتهر استعمال هذا اللفظ في المعنى المجازي حتى يتناسى أنه مجازي، فيقرر علماء اللغة أن اللفظ موضوع لهذا ولهذا: كلفظ السيارة، ولفظ الدراجة، ولفظ المسرة. ومنها أن يوضع اللفظ لمعنى ثم يوضع اصطلاح شرعي أو قانوني لمعنى آخر. كلفظ الصلاة أو لفظ الدفع، وأيا كان سبب وقوع الاشتراك في الألفاظ لغة، فإن الألفاظ المشتركة بين معنيين أو أكثر ليست قليلة في اللغة وواردة في النصوص الشرعية من آي القرآن وأحاديث الرسول، وهي كما قدمنا من باب المشكل ما دامت توجد قرائن يتوصل بها إلى ترجيح أحد المعاني، وعلى المجتهد أن يزيل إشكالها ويعين المراد من كل لفظ منها إذا ورد في نص شرعي.

والمشترك قد يكون اسما كما مثلنا، أو فعلا كصيغة الأمر للإيجاب وللندب، أو حرفا مثل الواو للعطف وللحال، فإذا كان اللفظ المشترك الوارد في النص الشرعي مشتركًا بين معنى لغوي ومعنى اصطلاحي شرعي وجب أن يراد به معناه الاصطلاحي الشرعي، فلفظ الصلاة وضع لغة للدعاة، ووضع شرعا للعبادة المخصوص. ففي قوله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} يراد منه معناه الشرعي وهو العبادة المخصوصة لا معناه اللغوي وهو الدعاة، ولفظ الطلاق وضع لغة لحل أي قيد، ووضع شرعا لحل قيد الزوجية الصحيحة، ففي قوله تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} يراد منه معناه الشرعي لا اللغوي؛ وهكذا كل لفظ مشترك بين معنى لغوي، ومعنى شرعي إذا ورد في نص شرعي، فمراد الشارع منه معناه الذي وضعه له؛ لأنه لما نقل هذا اللفظ عن معناه اللغوي إلى المعنى الخاص الذي استعمله فيه، كان اللفظ في لسان الشارع متعين الدلالة على ما وضعه الشارع له. وكذلك في نصوص القوانين الوضعية إذا كان اللفظ الوارد في النص له معنيان: معنى في اللغة ومعنى

<<  <   >  >>