في الاصطلاح القانوني، وجب أن يراد به معناه القانوني لا اللغوي للسبب الذي بيناه، فلفظ الدفع ولفظ الحلول وغيرهما، يراد به المعنى القانوني لا المعنى اللغوي، وكذا لفظ الضبط، ولفظ التسجيل.
وإذا كان اللفظ المشترك الوارد في النص الشرعي مشتركا بين عدة معان لغوية، وجب الاجتهاد لتعيين المعنى المراد منها؛ لأن الشارع ما أراد باللفظ إلا أحد معانيه، وعلى المجتهد أن يستدل بالقرائن، والأمارات والأدلة على تعيين هذا المراد.
فلفظ القرء في قوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} ، مشترك بين الطهر والحيض، وقد بينا في الكلام على المشكل ما استدل به بعض المجتهدين على أن المراد به الطهر، وما استدل به آخرون على أن المراد به الحيض.
ولفظ اليد في قوله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ، مشترك بين الذراع "من رءوس الأصابع إلى المنكب"، وبين الكف والساعد "من رءوس الأصابع إلى المرفق"، وبين الكف "من رءوس الأصابع إلى الرسغين"، وبين اليمنى واليسرى. وقد استدل جمهور المجتهدين بالسنة العملية على تعيين المراد منها في الآية، وهو المعنى الأخير أي رءوس الأصابع إلى الرسغين في اليمنى.
ولفظ الجلالة في قوله تعالى:{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ} ، مشترك، يطلق لغة على من لم يخلف ولدًا ولا والدًا، وعلى من ليس بولد ولا والد من المخلفين، وعلى القرابة من جهة غيرة الولد والوالد. وقد استدل جمهور المجتهدين باستقراء آيات التوريث على تعيين أن المراد في الآية هو المعنى الأول.
ولفظ الواو في قوله تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} مشترك، يستعمل للعطف ويستعمل للحال، فإن أريد به هنا الحال كان النهي واردا على ما لم يذكر اسم الله عليه، والحال أنه فسق، أي ذكر عليه حين ذبحه اسم غير الله، وإن أريد به العطف كان النهي واردا على ما لم يذكر اسم الله عليه مطلقا، سواء ذكر عليه حين الذبح اسم غير اسم الله أم لم يذكر.
والمجتهدون انقسموا في تعيين المراد منها في الآية إلى رأين، ولكل وجهة.