فإذا ورد الخاص مطلقا حمل على إطلاقه، وإذا ورد مقيدًا حمل على تقيده. والفرق بين اللفظ الملطق واللفظ المقيد: أن المطلق هو ما دل على فرد غير مقيد لفظًا بأي قيد، مثل: مصري، ورجل، وطائر. والمقيد هو ما دل على فرد مقيد لفظا بأي قيد، مثل: مصري مسلم، ورجل رشيد، وطائر أبيض.
فالمطلق يفهم على إطلاقه إلا إذا قام دليل على تقييده. فإن قام الدليل على تقييده كان هذا الدليل صارفًا له عن إطلاقه ومبينًا المراد منه.
ففي قوله تعالى:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} الوصية مطلقة قيدت بالحديث، الذي دل على أنه لا وصية بأكثر من الثلث، فصار المراد في الآية الوصية التي في حدود ثلث التركة.
وإذا ورد اللفظ مطلقًا في نص شرعي، وورد هو نفسه مقيدًا في نص آخر. فإذا كان موضوع النصين واحدًا بأن كان الحكم الوارد فيهما متحدا، والسبب الذي بني عليه الحكم متحدا. حمل المطلق على المقيد، أي كان المراد من المطلق هو المقيد؛ لأنه مع اتحاد الحكم والسبب، لا يتصور الاختلاف بالإطلاق والتقييد، فيكون المطلق مقيدا بقيد المقيد.
مثال هذا قوله تعالى في سورة المائدة:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ.........} الدم هنا مطلق عن القيد.
وقوله تعالى في سورة الأنعام:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} الدم هنا مقيد بالمسفوح. فالمراد بالدم في آية المائدة الدم المسفوح المنصوص على تحريمه في آية الأنعام؛ لأن الحكم في الآيتين واحد وهو التحريم، والسبب الذي بني عليه الحكم فيهما واحد وهو كونه دمًا. فلو كان الدم المحرم مطلق الدم خلا القيد وهو "مسفوحا" من الفائدة.
أما إذا اختلف النصان في الحكم، أو في السبب، أو فيهما معا، فلا يحمل المطلق على المقيد بل يعمل بالمطلق على إطلاقه في موضعه، وبالقيد على قيده في موضعه؛ لأن اختلاف الحكم والسبب أو أحدهما قد يكون هو علة الاختلاف إطلاقًا وتقييدًا، وهذا مذهب الحنفية وأكثر المالكية. أما الشافعية فوافقوهم إذا اختلف النصان حكما وسببا أو حكما فقط، وأما إذا اختلفا في السبب واتحدا في الحكم فيحمل المطلق على المقيد.