وقوله في شهود المداينة:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} .
وقوله في شهود المراجعة:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} .
ففي الآيتين الأوليين الحكم واحد وهو وجوب تحرير رقبة، والسبب في الوجوب مختلف؛ لأنه في الأولى القتل خطأ، وفي الثانية إرادة المظاهر أن يعود إلى زوجته.
وفي الآيتين الثانيتين الحكم واحد وهو وجوب الاستشهاد بشهيدين، والسبب في الوجوب مختلف؛ لأنه في إحداهما المداينة، وفي الثانية المراجعة.
فلا يعتبر المقيد بيانا للمطلق ويحمل المطلق عليه إلا في صورة واحدة، وهي ما إذا اتحد موضوعهما حكمًا وسببًا. وأما إذا اختلفا حكما، أو اختلافا سببا، فلا يحمل المطلق على المقيد بل يفهم المطلق في موضعه على إطلاقه، ويفهم المقيد في موضعه على قيده؛ لأن اختلاف الحكم قد يكون سببا في الاختلاف بالإطلاق والتقييد، أي أنه لما كان الحكم في آية الوضوء وجوب غسل الأيدي، قيدها بكونها إلى المرافق. ولما كان الحكم في آية التيمم وجوب مسح الأيدي، يقيدها بكونها إلى المرافق. ولما كان الحكم في آية التيمم وجوب مسح الأيدي، أطلقها ولم يقيدها بكونها إلى المرافق؛ لأن التيمم رخصة شرعت للتخفيف عند عدم وجود الماء، فيناسبه التخفيف أيضا في إطلاق اليد فيجزئ كل ما يصدق عليه لفظ يد. وكذلك الحال إذا اختلف السبب فقد يكون القتل خطأ اقتضى تقييد الرقبة بالإيمان