وهو مرجع القضاء في مصر إلى الآن "انظر المادة "٢٨٠" من القانون رقم ٧٨ لسنة ١٩٣١"، وقد أدخلت بعض تغييرات قليلة من المذاهب الأخرى.
الإمام مالك:
هو مالك بن أنس الأصبحي أصله من اليمن؛ وقد كان أجداده أبو عامر من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
ولد مالك سنة ٩٣هـ بالمدينة المنورة، وتوفي بها سنة ١٧٩هـ، ولم يرحل عن المدينة إلى غيرها من البلاد. وكان إماما في الحديث، وإماما في الفقه معا، وقد أجمع الناس على فضله وإمامته في كل منهما.
وكان اعتماده في فتواه على كتاب الله أولا ثم على السنة، ولكنه كان يقدم عمل أهل المدينة على خبر الواحد إذا كان مخالفا؛ وذلك لاعتقاده أن أهل المدينة توارثوا ما كانوا يعملون به عن سلفهم، وسلفهم توارثوه عن الصحابة، فكان ذلك أثبت عنده من خبر الواحد. ولكن الشافعي وبعض الأئمة خالفوه في هذا، بحجة أن كثير من السنة حمله بعض الصحابة معهم إلى الأمصار والبلدان المفتوحة التي رحلوا إليها واستقروا فيها، فليست السنة كلها محصورة في عمل أهل المدينة، بل بعضها والكثير منها موجود في غيرها، وعلى ذلك إذا صح الحديث عند هؤلاء أخذوا به سواء أكان موافقا لعمل أهل المدينة أم كان مخالفا له، على عكس مالك في هذا.
وبعد السنة يرجع مالك إلى القياس، ومما لا شك فيه أن كثيرا من مسائل مذهبه بني على المصالح المرسلة، حتى إنك لتجد بعض أحكام المسائل فيه تخصيص لعموم الكتاب بالمصلحة.
وقد تلقى الشافعي عنه الحديث وتفقه به، وحضر دروسه أهل مصر، وأهل المغرب، وأهل الأندلس، وانتفعوا به انتفاعا كبيرا، ونقلوا مذهبه، ونشروه في بلادهم، وكان هو المذهب السائد على بلاد الأندلس بواسطة أمير تلك البلاد كما نشر الخلفاء العباسيين مذهب أبي حنيفة.
ومذهب مالك الآن هو السائد على بلاد المغرب، وصعيد مصر، وبلاد السودان.