ومما ينبغي التنبيه إليه أن اجتهاد الرسول في التشريع أساسه القرآن وما بثه في نفسه من روح التشريع ومبادئه، فهو يستند في تشريعه الأحكام إلى القياس على ما جاء في القرآن، أو إلى تطبيق المبادئ العامة لتشريع القرآن، فمرجع أحكام السنة إلى أحكام القرآن.
وخاصة ما قدمنا: أن الأحكام التي وردت في السنة: إما أحكام مقررة لأحكام القرآن، أو أحكام مبينة لها، أو أحكام سكت عنها القرآن مستمدة بالقياس على ما جاء فيه أو بتطيبق أصوله ومبادئه العامة، ومن هذا يتبين أنه لا يمكن أن يقع بين أحكام القرآن والسنة تخالف أو تعارض.
أقسامها باعتبار سندها ١:
تنقسم السنة باعتبار رواتها عن الرسول إلى ثلاثة أقسام: سنة متواترة وسنة مشهورة، وسنة آحاد.
فالسنة المتواترة: هي ما رواها عن رسول الله جمع يمتنع عادة أن يتواطأ أفراده على كذب، لكثرتهم وأمانتهم واختلاف وجهاتهم وبيئاتهم، ورواها عن هذا الجمع جمع مثله، حتى وصلت إلينا بسند كل طبقة من رواته جمع لا يتفقون على كذب من مبدأ التلقي عن الرسول إلى نهاية الوصول إلينا، ومن هذا القسم السنن العملية في أداء الصلاة وفي الصوم، والحج والأذان وغير ذلك من شعائر الدين التي تلقاها المسلمون عن الرسول بالمشاهدة، أو السماع، جموعا عن جموع، من غير اختلاف في عصر عن عصر، أو قطر عن قطر، وقل أن يوجد في السنن القولية حديث متواتر.
والسنة المشهورة: هي ما رواها عن رسول الله صحابي أو اثنان أو جمع لم يبلغ حد جمع التواتر، ثم رواها عن هذا الراوي أو الرواة جمع من جموع التواتر، ورواها عن هذا الجمع جمع مثله، وعن هذا الجمع جمع، حتى وصلت إلينا بسند، أول طبقة فيه سمعوا من الرسول قوله أو شاهدوا فعله فرد أو فردان أو أفراد لم يصلوا إلى جمع التواتر، وسائر طبقاته جموع التواتر. ومن هذا القسم بعض الأحاديث التي رواها عن الرسول عمر بن الخطاب، أو عبد الله بن مسعود أو
١ المراد بسند السنة: سلسلة الرواة الذين نقلوها عن الرسول إلينا. والمراد بمتن السنة: نفس الحديث المروي.