اعتباري؛ لأن الساكت لا جزم بأنه موافق، فلا جزم بتحقيق الاتفاق وانعقاد الإجماع، ولهذا اختلف في حجيته، فذهب الجمهور إلى أنه ليس حجة، وأنه لا يخرج عن كونه رأي بعض أفراد من المجتهدين.
وذهب علماء الحنفية إلى أنه حجة إذا ثبت أن المجتهد الذي سكت عرضت عليه الحادثة، وعرض عليه الرأي الذي أبدى فيها ومضت عليه فترة كافية للبحث، وتكوين الرأي وسكت، ولم توجد شبهة في أنه سكت خوفا أو ملقا أو عيا أو استهزاء؛ لأن سكوت المجتهد في مقام الاستفتاء والبيان والتشريع بعد فترة البحث والدرس ومع انتفاء ما يمنعه من إبداء رأيه لو كان مخالفا، دليل على موافقته الرأي الذي أبدى إذ لو كان مخالفا ما وسعه السكوت.
والذي أراه الراجح هو مذهب الجمهور؛ لأن الساكت من المجتهدين تحيط بسكوته عدة ظروف وملابسات منها النفسي ومنها غير النفسي، ولا يمكن استقصاء كل هذه الظروف والملابسات والجزم بأنه سكت موافقة ورضا بالرأي. فالساكت لا رأي له ولا ينسب إليه قول موافق أو مخالف، وأكثر ما وقع مما سمي إجماعا هو من الإجماع السكوتي.
وإما الإجماع من جهة أنه قطعي الدلالة على حكمه أو ظني، فهو نوعان أيضا. أحدهما: إجماع قطعي الدلالة على حكمه، وهو الإجماع الصريح؛ بمعنى أن حكمه مقطوع به ولا سبيل إلى الحكم في واقعته بخلافه، ولا مجال للاجتهاد في واقعة بعد انعقاد إجماع صريح على حكم شرعي فيها. وثانيهما: إجماع ظني الدلالة على حكمه وهو الإجماع السكوتي بمعنى أن حكمه مظنون ظنا راجحا، ولا يخرج الواقعة عن أن تكون مجالا للاجتهاد؛ لأنه عبارة عن رأي جماعة من المجتهدين لا جميعهم.