أنه ثبت بالنص إباحة الجمع بين الصلاتين حال المطر، فالحكم وهو إباحة الجمع بين الصلاتين رتب على وفق حال المطر، ولم يدل نص ولا إجماع على أن المطر هو علة هذا الحكم، لكن دل نص آخر على إباحة الجمع بين الصلاتين في وقت واحد حال السفر، وثبت بالإجماع أن علة إباحة الجمع السفر، والسفر والمطر نوعان من جنس واحد؛ لأن كلا منهما عاض مظنة الحرج والمشقة، فكأن الشارع لما اعتبر السفر علة لإباحة الجمع بين الصلاتين اعتبر كل ما هو من جنسه علة لهذه الإباحة، فعلة إباحة الجمع بين الصلاتين حال المطر: المطر، ويقاس عليه حال الثلج والبرد.
ومثال الوصف المناسب الذي اعتبر الشارع وصفا من جنسه علة لحكم من جنس الحكم الذي رتب على وفقه: تكرار أوقات الصلوات في الليل والنهار لسقوط قضاء الصلاة عن الحائض، وذلك أنه قد ثبت بالنصب أن الحائض في أثناء حيضها لا تصوم ولا تصلي وأن عليها إذا طهرت أن تقضي الصوم دون الصلاة، فالحكم وهو سقوط قضاء الصلوات عنها لم يدل على علته ولكن رئي أن تكرار أوقات الصلوات ليلًا ونهارًا مظنة الحرج والمشقة في أدائها، والشارع اعتبر أشياء كثيرة هي مظان الحرج عللًا لأحكام كثيرة هي رخص وتخفيف عن المكلف، كالمرض والسفر لإباحة الفطر في رمضان، والسفر لقصر الصلاة الرباعية، وعدم الماء للتيمم، ودفع الحاجة للسلم والعرايا، فكأن الشارع اعتبر كل نوع من أنواع مظان الحرج علة لكل نوع من أنواع الأحكام التي فيها تخفيف. وتكرار أوقات الصلوات من أنواع مظان الحرج، وسقوط قضائها عن الحائض من أنواع الأحكام التي فيها تخفيف.
وهذا النوع من أنواع الاعتبار يفسح المجال للتعديل بالأوصاف المناسبة؛ لأن كل وصف مناسب رتب الشارع الحكم على وفقه، لا يخلو من أن يكون أي وصف من جنسه اعتبره الشارع علة لحكم من جنس حكمه، وصحة التعليل بالمناسب بناء على اعتبار جنسه في جنس الحكم تفتح أبواب القياس بسعة؛ لأن مآل هذا: أن الشارع إذا اعتبر وصفا هو مظنة الحرج علة لحكم فيه تخفيف، صح اعتبار أي وصف آخر من مظان الحرج علة لأي حكم آخر فيه تخفيف.
ولا يتصور أن يوجد وصف مناسب رتب الشارع حكمًا على وفقه، ولم يعتبره بأي نوع من أنواع الاعتبار السابقة، بل لا بد أن الشارع اعتبره ولو باعتبار