للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جنسه علة لجنس حكمه، وعلى هذا فكل وصف مناسب رتب الشارع حكمًا على وفقه، فهو إما مؤثر وإما ملائم، وأما ما سماه بعض الأصوليين بالمناسب الغريب فلا يتصور وجوده؛ لأنهم عرفوه بالوصف المناسب الذي رتب الشارع حكما على وفقه ولم يثبت اعتباره بأي نوع من أنواع الاعتبار، وقد بينا أنه مع السعة في اعتبار جنس الوصف في جنس الحكم لا يوجد مناسب غريب، ولهذا لم يذكر صاحب جمع الجوامع المناسب الغريب، واقتصر على تقسيم المناسب إلى مؤثر وملائم ومرسل، وهذا الذي اخترناه.

٣- المناسب المرسل: هو الوصف الذي لم يرتب الشارع حكما على وفقه ولم يدل دليل شرعي على اعتباره بأي نوع من أنواع الاعتبار، ولا على إلغاء اعتباره فهو مناسب أن يحقق مصلحة؛ ولكنه مرسل أي مطلق عن دليل اعتبار ودليل إلغاء، وهذا هو الذي يسمى في اصطلاح الأصوليين "المصلحة المرسلة" ومثاله: المصالح التي بنى عليها الصحابة تشريع وضع الخراج على الأرض الزراعية، وضرب النقود وتدوين القرآن ونشره وغير هذا من المصالح التي شرعوا الأحكام بناء عليها، ولم يقم دليل من الشارع على اعتبارها ولا على إلغاء اعتبارها.

وهذا المناسب المرسل اختلف العلماء في تشريع الأحكام بناء عليه، فمنهم من نظر إلى ناحية أن الشارع لم يعتبره فقال: لا يبنى عليه تشريع، ومنهم من نظر إلى أن الشارع لم يلغ اعتباره فقال: يبني عليه التشريع وسيأتي بحثه مفصلًا.

٤- المناسب الملغي: وهو الوصف الذي يظهر أن في بناء الحكم عليه تحقيق مصلحة، ولم يرتب الشارع حكما على وفقه، ودل الشارع بأي دليل على إلغاء اعتباره، مثل تساوي الابن والبنت في القرابة لتساويها في الإرث.

ومثل إلزام المفطر عمدا في رمضان بعقوبة خاصة لردعه.

وهذا لا يصح بناء تشريع عليه، وسيأتي بحثه مفصلا.

<<  <   >  >>