المراد بمسالك العلة: الطرق التي يتوصل بها إلى معرفتها، وأشهر هذه المسالك ثلاثة:
أولا- النص:
إذا دل نص في القرآن أو السنة على أن علة الحكم هي هذا الوصف كان هذا الوصف علة بالنص، ويسمى العلة المنصوص عليها وكان القياس بناء عليه هو الحقيقة تطبيق للنص، ودلالة النص على أن الوصف علة قد تكون صراحة وقد تكون إيماء أي إشارة وتلويحا لا تصريحا.
فالدلالة صراحة هي: دلالة لفظ في النص على العلية بوضعه اللغوي مثل ما إذا ورد في النص لعلة كذا، أو لسبب كذا، أو لأجل كذا، وإذا كان اللفظ الدال على العلية في النص، لا يحتمل غير الدلالة على العلية، فدلالة النص على علية الوصف صريحة قطعية كقوله تعالى في تعليله بعثة الرسل:{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} ، وقوله في إيجاب أخذ خمس الفيء للفقراء والمساكين {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} .
وكقول الرسول -صلى الله عليه وسلم:"إنما نهيتكم عن إدخار لحوم الأضاحي لأجل الدافة فكلوا وادخروا"، وإذا كان اللفظ الدال على العلية في النص يحتمل الدلالة على غير العلية، فدلالة النص على علية الوصف صريحة ظنية، مثل قوله تعالى:{أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} ، وقوله:{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} ، وقوله:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} وقول الرسول في طهارة سؤر الهرة: "إنها من الطوافين عليكم والطوافات"، وإنما كانت دلالة النص على العلية ظنية في هذه الأمثلة؛ لأن الألفاظ الدالة عليها فيها -وهي اللام، والباء، والفاء، وإن- كما تستعمل في التعليل تستعمل في غيره، وإن كان التعليل هو الظاهر من معانيها في هذه النصوص.
وأما دلالة النص على العلية إيماء أي إشارة وتنبيها؛ فهي مثل الدلالة المستفادة من ترتيب الحكم من الوصف واقترانه به، بحيث يتبادر من هذا الاقتران فهم علية الوصف للحكم وإلا لم يكن للاقتران وجه، وذلك مثل قوله -صلى الله عليه وسلم: "لا