هذا الباب جمد التشريع الإسلامي، ووقف عن مسايرة الأزمان والبيئات. ومن قال: إن كل جزئية من جزئيات مصالح الناس، في أي زمن وفي أي بيئة قد راعاها الشارع، وشرع بنصوصه ومبادئه العامة ما يشهد لها ويلائمها، فقوله: لا يؤيده الواقع؛ فإنه مما لا ريب فيه أن بعض المصالح التي تجد لا يظهر شاهد شرعي على اعتبارها ذاتها.
ومن خاف من العبث والظلم واتباع الهوى باسم المصلحة المطلقة،؟؟؟ خوفه بأن المصلحة المطلقة لا يبنى عليها تشريع إلا إذا توافرت فيها الشروط الثلاثة التي بيناها، وهي أن تكون مصلحة عامة حقيقية لا تخالف نصا شرعيا ولا مبدأ شرعيا.
قال ابن القيم:"من المسلمين من فرطوا في رعاية المصلحة المرسلة، فجعلوا الشريعة قاصرة، لا تقوم بمصلح العباد محتاجة إلى غيرها، وسدوا على أنفسهم طرقا صحيحة من طرق الحق والعدل، ومنهم من أفرطوا فسوغوا ما ينافي شرع الله، وأحدثوا شرا طويلا وفسادا عريضا".