ويقول ﵀:«ولا يخفاك أني أعرض على أهل الأحساء وغيرهم وأقول: كل إنسانٍ أجادله بمذهبٍ: إن كان شافعيًّا فبكلام الشافعية، وإن مالكيًّا فبكلام المالكية، أو حنبليًّا أو حنفيًّا فكذلك، فإذا أرسلت إليهم ذلك عدلوا عن الجواب؛ لأنهم يعرفون أني على الحق وهم على الباطل، وإنما يمنعهم من الانقياد التكبر والعناد»(١).
ويستفاد من كلام الشيخ هذا عدة فوائد:
الأولى: براءة الشيخ مما رماه به هذا الأفاك من تكفير أتباع الأئمة الأربعة، لعنايته بكتبهم واقتنائها، فما كان ليفعل ذلك لو كان يرى تضليلهم فضلًا أن يعتقد تكفيرهم.
الثانية: سعة اطلاعه على كلام العلماء من أتباع الأئمة الأربعة، ويظهر ذلك من محاجته أصحاب كل مذهبٍ بكلام علمائهم، وعدم مقدرة الخصوم على مناظرته في ذلك، وهذا مما يؤكد براءته من تهمة تكفيرهم؛ إذ كيف يكفر مَنْ تكون له هذا العناية البالغة بكتبهم وهو يحاج بكلامهم في تقرير مذهبه على خصومه؟!
الثالثة: أن الغالب على أتباع الأئمة الأربعة أنهم على السنة، خصوصًا المتقدمين منهم، وأن الانحراف عن السنة إنما نشأ من قبل بعض المتأخرين الذين كانوا ينتسبون لبعض المذاهب الفقهية، مع جهلهم بطريقة أئمة المذهب المنتسبين إليه؛ ولذا كان الشيخ ﵀ يرد على هؤلاء المخالفين بكلام أئمتهم الذين كانوا على السنة والحق.