للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الحديث ليس فيه تصريح بأن معاوية قد أمر بسب علي .

قال النووي: «وقول معاوية هذا ليس فيه تصريح بأنه أمر سعدًا بسبه، وإنما سأله عن السبب المانع من السب كأن يقول: هل امتنعت تورعًا، أو خوفًا، أو غير ذلك؟» (١).

وقال أبو العباس القرطبِي: «وهذا ليس بتصريح بالسب، وإنما هو سؤال عن سبب امتناعه ليستخرج من عنده من ذلك أو من نقيضه، كما قد ظهر من جوابه، ولما سمع ذلك معاوية سكت وأذعن وعرف الحق لمستحقه» (٢).

والذي يظهر لي في هذا -والله أعلم-: أن معاوية إنما قال ذلك على سبيل المداعبة لسعد، وأراد بذلك استظهار بعض فضائل علي ؛ فإن معاوية كان رجلًا فطنًا ذكيًّا يحب مطارحة الرجال واستخراج ما عندهم، فأراد أن يعرف ما عند سعد في علي فألقى سؤاله بهذا الأسلوب.

وأما ما ادعاه هذا الأفاك من الأمر بالسب فحاشى معاوية أن يصدر منه مثل ذلك.

والمانع من هذا عدة أمور:

الأول: أن معاوية نفسه ما كان يسب عليًّا، بل كان معظمًا له، معترفًا له بالفضل والسبق إلى الإسلام، كما دلت على ذلك أقواله الثابتة عنه.

قال ابن كثير: «وقد ورد من غير وجهٍ أن أبا مسلم الخولاني وجماعة معه


(١) شرح صحيح مسلم (١٥/ ١٧٥).
(٢) المفهم (٦/ ٢٧٨).

<<  <   >  >>