للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك: قول أبي عمرو الداني بعد نقله كلام الإمام أحمد: «مَنْ قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ فهو جهمي، ومَن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق؛ فهو قدري».

قال: «وقول أحمد هذا قول جميع أهل السنة من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين» (١).

وأما اتهامه للإمام أحمد فيما نسبه إليه أنه قال: «مَنْ قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ فهو جهمي مخلد في النار خالدًا فيها»، بأنه يشبه التألي على الله، فلم يعز هذا القول لمصدر نسبه إلى أحمد، والمشهور عن الإمام قوله: «مَنْ قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ فهو جهمي»، فهذا ثابت عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة من وجوه كثيرة ذكرها الخلال في (السنة) (٢).

وأما الزيادة التي ذكر، وأن مَنْ قال بذلك فهو خالد مخلد في النار، فالعبرة بثبوتها عن الإمام أحمد بنقل إمام معتبر بسندٍ صحيحٍ، هذا من حيث الثبوت.

وأما من حيث المعنَى: فمعناها صحيح، وهو موافق لما دلت عليه النصوص ولما هو مشهور من عقيدة أهل السنة من أن كل مَنْ ثبت أنه كافر كفرًا يخرج من الملة فحكمه في الآخرة أنه خالد مخلد في النار، والجهمية مما أجمع أهل السنة على كفرهم كما تقدم، فيكون هذا موافقًا لحكم العلماء فيهم، وهذا كله من باب الحكم المطلق والوعيد العام.

وأما مَنْ قام به شيء مِنْ ذلك مِنْ المعينين فهذا لا يُنَزل عليه الحكم المطلق والوعيد العام عند الأئمة والمحققين من أهل السنة إلا بعد استيفاء الشروط وانتفاء


(١) تقدم عزوه (١٧٢).
(٢) انظر: السنة للخلال (٦/ ٢٩) وما بعدها.

<<  <   >  >>