للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلف على تكفير مَنْ قال بذلك.

جاء في كلام أبي زرعة وأبي حاتم الرازيَين في وصف اعتقاد السلف: «ومَن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم كفرًا ينقل عن الملة، ومَن شك في كفره ممن يفهم فهو كافر» (١).

فهاهو ذا اعتقاد أئمة السلف في حكم مَنْ توقف في تكفير الجهمية، وهو القطع بكفره، وما الإمام أحمد إلا متبع لِمَنْ قبله من السلف في ذلك.

ولكن هذه الأقوال المأثورة عن السلف في تكفير مَنْ قال بخلق القرآن، أو تكفير مَنْ شك في كفره هي -على ما تقدم التنبيه عليه- من قبيل الأحكام المطلقة التي لا يستلزم إطلاقها من حيث العموم تنزيل ذلك الحكم على كل معينٍ قال بتلك المقالة إلا بعد استيفاء الشروط وانتفاء الموانع الموجبة للحكم عليه.

ولهذا كان الإمام أحمد يفرق بين مَنْ قال بمقالات الجهمية وهو عالم بها، وبين مَنْ قال بها بسبب شبهةٍ أو جهلٍ، على ما جاء في السنة للخلال عن عبد الله بن أحمد قال: «سمعت أبي يسأل عن الواقفة، قال أبي: مَنْ كان يخاصم ويعرف الكلام فهو جهمي، ومَن لم يُعرف بالكلام يُجانب حتى يرجع، ومَن لم يكن له علم يسأل ويتعلم» (٢).

وفي السنة أيضًا عن محمد بن مسلم: «أن أبا عبد الله قيل له: فالواقفة؟ قال: أما مَنْ كان لا يعقل فإنه يُبَصر، وإن كان يعقل ويبصر الكلام فهو مثلهم» (٣).


(١) شرح اعتقاد أهل السنة للالكائي (١/ ١٧٨).
(٢) السنة للخلال (٥/ ١٣٠)، وانظر (٥/ ١٤٦).
(٣) المصدر نفسه (٥/ ١٣١).

<<  <   >  >>