وأما قوله:«إنه لا يعرف حنبليًّا اليوم يكفر المعتزلة».
فهذا من التلبيس، فالكلام في (القول بخلق القرآن) لا في المعتزلة، فَلِمَ حاد عن مسألة خلق القرآن إلى الحكم على المعتزلة؟!
ومقتضى الكلام أن يقول:«لا أعرف حنبليًّا يكفر مَنْ قال بخلق القرآن»؛ لأن انتقاده للإمام أحمد في التكفير بخلق القرآن لا في تكفير المعتزلة.
والمعتزلة وإن كانوا وافقوا الجهمية على القول بخلق القرآن الذي هو كفر بلا شك، إلا أن المشهور عند العلماء قديمًا وحديثًا إطلاق القول بتبديعهم دون تكفير؛ لكونهم لُبس عليهم في ذلك، بخلاف الجهمية الذين اشتهر عن العلماء إطلاق القول بتكفيرهم.
ثم إن قوله هنا:«إنه لا يعرف حنبليًّا يكفر المعتزلة» مناقض لقوله في بداية كتابه (ص ٦): «وكان المسلمون في القرون الأولى (الثاني والثالث والرابع) يشكون من توسع الحنابلة في التكفير لسائر الفرق الإسلامية الأخرى، كالأشاعرة، وأهل الرأي، والصوفية، والإباضية، والزيدية، فضلًا عن المعتزلة، والشيعة، والجهمية، والقدرية، والمرجئة، ولم نستجب لهم … ونحن اليوم تحت هذا كله … إذن فنحن اليوم تحت هذا البرج التكفيري كله».
وصدق مَنْ قال:«إن من آفة الكذب أن يكون صاحبه نسيًّا».
وقول الآخر:«إن الله أعاننا على الكذابين بالنسيان»(١).
طعنه في الإمام البربهاري، واتهامه له بتكفير المسلمين:
قال المالكي (ص ٦٦): «وقال الحسن البربهاري إمام الحنابلة في عصره (ت ٣٢٩ هـ)