للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول : «هذا مع أني دائمًا ومن جالسني يعلم ذلك مني، أني من أعظم الناس نهيًا أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي مَنْ خالفها كان كافرًا تارة، وفاسقًا أخرى، وعاصيًا أخرى، وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها، وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية، والمسائل العملية» (١).

ولهذا كان شيخ الإسلام يقرر في كتبه وينبه على ضرورة التفريق بين (التكفير المطلق) و (تكفير المعين)، وأن الشخص المعين وإن قام به شيء من المكفرات لا يكفر إلا بعد قيام الحجة عليه.

يقول : «والتحقيق في هذا: أن القول قد يكون كفرًا كمقالات الجهمية الذين قالوا: إن الله لا يتكلم ولا يُرى في الآخرة، ولكن قد يخفى على بعض الناس أنه كفر فيطلق القول بتكفير القائل كما قال السلف: مَنْ قال: القرآن مخلوق فهو كافر، ومَن قال: إن الله لا يُرى في الآخرة فهو كافر، ولا يكفر الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة» (٢).

ويقول : «وإذا عرف هذا، فتكفير المعين من هؤلاء الجهال وأمثالهم بحيث يحكم عليه بأنه من الكفار لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية، التي يتبين بها أنهم مخالفون للرسل، وإن كانت هذه المقالة لا ريب أنها كفر، وهكذا الكلام في تكفير جميع المعينين مع أن بعض البدعة أشد من بعضٍ،


(١) مجموع الفتاوى (٣/ ٢٢٩).
(٢) مجموع الفتاوى ٧/ ٦١٩).

<<  <   >  >>