للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعض المبتدعة يكون فيه من الإيمان ما ليس في بعضٍ.

فليس لأحدٍ أن يكفر أحدًا من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة، ومَن ثبت إيمانه بيقينٍ لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة» (١).

وكلامه في هذا المعنى كثير مشهور، حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية ليعد من أعظم المقررين لهذه المسألة المستدلين لها بالنصوص الشرعية، والمدعمين لها بأقوال السلف في مواطنَ كثيرةٍ من كتبه، والناس بعده عيال عليه في هذه المسألة وغيرها؛ فرحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عن المسلمين خير الجزاء.

وقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية ممتثلًا لهذا الأصل العظيم في باب التكفير في معاملة مخالفيه الذين وقعوا في بعض المكفرات البينة، فما كان يرى كفرهم إلا بعد البيان وإزالة الشبهة، ولهذا لم يكفر بعض أعيان الجهمية الذين لا يُشك في أن مقالتهم كفر؛ لورود الشبه عليهم المانعة من قيام الحجة الموجبة لتكفيرهم.

يقول : «ولهذا كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفاة الذين نفوا أن الله تعالى فوق العرش، لما وقعت محنتهم: أنا لو وافقتكم كنت كافرًا؛ لأني أعلم أن قولكم كفر، وأنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال، وكان هذا خطابًا لعلمائهم، وقضاتهم، وشيوخهم، وأمرائهم» (٢).

وهذا مما يدحض كذب هذا المفتري في اتهامه لشيخ الإسلام ابن تيمية


(١) مجموع الفتاوى (١٢/ ٥٠٠ - ٥٠١).
(٢) كتاب الاستقامة (٢/ ٤٩٤).

<<  <   >  >>