للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو معنى قولنا: لا إله إلا الله، حتى قد جعلوا معنَى الإلهية القدرة على الاختراع» (١).

ثم بين أن هذا التوحيد لا يكفي في حصول الإسلام، وأن المشركين كانوا مقرين بهذا النوع ولم يخرجهم من الشرك.

يقول: «ومعلوم أن المشركين من العرب الذين بعث إليهم محمد أولًا لم يكونوا يخالفونه في هذا، بل كانوا يقرون بأن الله خالق كل شيءٍ، حتى إنهم كانوا يقرون بالقدر أيضًا، وهم مع هذا مشركون» (٢).

وأما ما ادعاه المالكي من أن الكفار لم يقروا بتوحيد الربوبية وقوله -محتجًّا على العلماء في هذا-: «ونسوا أن فرعون قال: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤]، وأن صاحب إبراهيم قال: ﴿أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ﴾ [البقرة: ٢٥٨]».

فجوابه:

أن العلماء لم ينسوا هذه الآيات وما جاء في معناها، بل يعتقدون ما دلت عليه من الحق، ولكن ليس كما يفهمه هذا الجاهل.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «والله تعالى قد أخبر عن فرعون أنه أنكر الصانع بلسانه فقال: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤]» (٣).

فبين أن إنكار فرعون إنما كان بلسانه فقط على وجه الاستكبار، ويشهد له قول الله تعالى عن فرعون وقومه: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ [النمل: ١٤]،


(١) مجموع الفتاوى (٣/ ٩٨).
(٢) المصدر نفسه (٣/ ٩٨).
(٣) المصدر نفسه (٥/ ١٧٣).

<<  <   >  >>