للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا عد العلماء كفر فرعون كفر جحود، وهو (أن يعرف بقلبه ولا يعترف بلسانه) (١).

وكذا قوم إبراهيم كانوا مقرين بالربوبية كما يدل على هذا سياق محاجته لهم.

يقول شيخ الإسلام : «وقوم إبراهيم كانوا مقرين بالصانع، ولهذا قال لهم إبراهيم الخليل: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ٧٥ - ٧٧]» (٢).

وأما دعوى المالكي تكفير شيخ الإسلام والعلماء بعده كثيرًا من المسلمين، وأنهم لم يحفظوا لهم شهادة أن لا إله إلا الله، فكذب وبهتان.

والواقع: أن شيخ الإسلام وغيره من علماء أهل السنة لم يكفروا إلا المشركين والكفار الذين دلت النصوص على كفرهم وشركهم، لكن المالكي لما كان على طريقة أهل البدع والكلام المذموم الذين لا يعرفون من التوحيد إلا توحيد الربوبية، ولا يرون أن الشرك في العبادة مخل بالتوحيد يشنعون على العلماء في تكفير المشركين ويعدون هذا من الغلو في التكفير.

والحكم على مَنْ أشرك في العبادة بالكفر وتخليده في النار وتحريم الجنة عليه مما دلت عليه النصوص، ومَن خالف في هذا فهو رادٌّ على الله ورسوله، ومكذب للنصوص.

يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨، ١١٦].


(١) انظر: النهاية لابن الأثير (ص ٨٠٦)، والمفردات للراغب (ص ١٨٧).
(٢) مجموع الفتاوى (٥/ ٥٤٩).

<<  <   >  >>