للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المستلزمة كمال الذات، وهذا بخلاف المشرك في الألوهية؛ فإنه إن سلم من هذا التعطيل فهو دون المعطل؛ لأنه يثبت وجود الذات والأسماء والصفات، لكن يجعل لله شريكًا في عبادته.

وكلام ابن القيم هذا حق، وقد دلت عليه الأدلة النقلية والعقلية، وقد بسط الإمام ابن القيم هذا المعنَى أيضًا في الجواب الكافي (١).

وهذا الكلام من الأحكام المطلقة التي لا تتنَزل على المعينين إلا بشروطٍ، كما أن الأحكام العامة المطلقة في الكتاب والسنة كذلك، فوجود التعطيل في طوائفَ من الأمة وأفرادها لا يستلزم الحكم على كل معينٍ من هؤلاء بمقتضى الحكم المطلق، إلا بعد قيام الحجة عليه واستيفاء شروط التكفير وانتفاء موانعه في حقه.

وقد سبق تقرير ذلك مفصلًا، وأنه من الأصول المعتبرة عند أهل التحقيق من أهل السنة (٢).

وأصل الشبهة عند هذا الرجل وأمثاله -كما نبهت على هذا مرارًا- أنه لا يفرق بين إطلاقات العلماء العامة التي هي من قبيل (الحكم المطلق)، وبين تنزيل ذلك على المعينين الذي هو من قبيل (الحكم على المعين)، فيظن بهذا أن العلماء إذا أطلقوا هذه الأحكام العامة يعتقدون تكفير كل مَنْ تلبس بشيءٍ من تلك الأخطاء التي ذكروا حكمها على سبيل الإطلاق، ثم يرتب على هذا الفهم الخاطئ أن هؤلاء العلماء قد كفروا خلقًا كثيرًا من المسلمين، والعلماء يحتاطون لتكفير المعين وإن قام به الكفر فلا


(١) انظر: الجواب الكافي (ص ١٩٣ - ١٩٨).
(٢) انظر: (ص ٨١ - ٨٢، ١٠٥ - ١٠٦، ١٠٩ - ١١٠).

<<  <   >  >>