للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد تقدم أن مفهوم التجديد عنده هو نبذ التوحيد، وعقيدة أهل السنة، وتقرير البدع والثناء على أهلها.

وهذا القول منه إنما قدم به لكتابه لعلمه بما اشتمل عليه كتابه هذا وكتبه الأخرى من زندقة وإلحاد وإفساد في الدين، فيريد أن يدفع عن نفسه عقوبة ذلك من قبل ولاة الأمر؛ فحاله كما قال القائل: «كاد المريب أن يقول خذوني».

والواجب على كل المسلمين في هذا البلد: أن يتكاتفوا ويتعاونوا في الإنكار على هؤلاء الزنادقة ودعاة الضلال، وأن يحذروا منهم أشد الحذر، وأن يقوموا برفع ما يقفون عليه من أقوالهم الباطلة إلى ولاة الأمر للأخذ على أيديهم، وإنزال العقوبات الرادعة بهم.

وليعلم أن هذا من واجبات الدين التي أوجبها الله على ولاة الأمور؛ كما دلت النصوص على وجوب الأخذ على أيدي أهل البدع والضلال وغيرهم من الفساق.

ففي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن مسعود أن رسول الله قال: «مَا مِنْ نَبي بعثه الله في أمةٍ قبلي؛ إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوفٌ، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فَمَنْ جاهده بيدهم فهو مؤمِنٌ، ومَن جاهدهم بلسانه فهو مؤمِن، ومَن جاهدهم بقلبه فهو مؤمِن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل» (١).

ففي هذا الحديث: وجوب مجاهدة هؤلاء المغيرين المبدلين، والإنكار عليهم بحسب الاستطاعة، وعلى نحو المراتب المذكورة، وهذا يشمل كل مَنْ كان قادرًا


(١) صحيح مسلم (١/ ٧٠)، (ح ٥٠).

<<  <   >  >>